آرشیو

آرشیو شماره ها:
۳۸

چکیده

تتنوع أسالیب الدعوه الإسلامیه وتختلف حسب تنوع واختلاف الزمان والمکان، وهذا الأمر من الأمور البدیهیه التی لا مناص للعاقل منها، وقد مشت الرسائل السماویه وکتبها على ذات النهج؛ إضافه إلى أنها قد راعت المستوى العقلی والإدراکی لأممها، وهذا ما یدعونا إلى اختیار مفهوم «الظرف الموضوعی» للأمم، وهو أشمل من الاختلاف والتنوع الزمکانی والنوعی. إن الغرض والأهداف السامیه لها مدخلیه فی اختیار الطرق والآلیات المتنوعه والمختلفه فی سبیل تسویق بضاعتها، فکیف إذا کانت البضاعه تمس الاحتیاج الذاتی للإنسان، فإن التسویق عندئذ یصبح فی غایه الأهمیه، ومن أهم ما یقوم علیه التسویق والنشر والدعایه والدعوه هو عنصر الجذب، وهو یولد بطبیعته عنصرا آخر وهو: عنصر الدفع، وبناء على هذا فإن عنصر الجذب لا بد وأن یتمتع بمکونات تمکنه من الدخول إلى أعماق نفس وعقل الشخصیه المستهدفه، ولا یتصور أن المراد من الدخول هنا هو التمتع بالمکونات فی ذات العناصر وشخصیه الرساله والدعوه فإن هذا الأمر مفروغ عنه، بل المقصود منه هو قدرته على أخذ زمام المبادره فی التوجه إلى الآخرین، وهذا یعنی أن تکون عناصر شخصیه الرساله مؤهله وقادره على استلام زمام المبادره والقیاده. والیوم وما یحدث فی العالم من التغیرات الهائله شملت کل مناح الحیاه، وأصبح التحدی کبیرا لاستقطاب النفوس البسیطه الساذجه إلى حضیره الحق، نظرا إلى کثره المدرس والطرق التی تقدم نفسها کحاضنه علمیه ومعرفیه وسلوکیه صحیحه للبشریه، ولم یقتصر الحال على مستوى تقدیم المواد التجاریه بصور مختلفه، وباسالیب مختلفه، وبطرق جاذبه، تحاول فیها الشرکات تقدیم بضاعتها على أجمل صوره، م صنع هذا من تنافس عال بین تلکم الشرکات العالمیه والأقلیمه والمحلیه، ولم یقتصر التنافس فی العالم على مستوى البضاعه التجاریه المتعارفه بل ودخل إلى عالم المعنویات، فأصبحت المدارس التی تُعنى ب الذات تنمیه وتطویرا وإداره وقیاده تتکاثر وتکثر، حتى أصبحت لها ما للتجاره من التسویق والدعایه بمختلف الطرق والأسالیب. ونحن أصحاب المدرسه الإسلامیه حیث نتمتع بحقیقه الحقائق ونفتخر بهذا، یفرض علینا جمال تلکم الحقائق تحمل مسؤولیه نشرها والتسویق لها فی سوق التحدی العالمی بالشکل الذی یتناسب وطبیعه جمال تلکم الحقائق، وبحمد الله تعالى فإن ما تتمتع به المدرسه الإسلامیه من روح جذابه للجمال وللکمال ودفَّاعه للشر والنقص یجعلها المتصدره فی عالم القبول لمعارفها بل ویؤهلها لأن تکون الأول على وجه الکره الأرضیه فی سباق ومضمار المقبولیه لدى جمیع البشر، وذلک لما علیه نفسیه وعقل وروح البشر من الشوق والرغبه الفطریه للتحلی بمعارف حقه جمیله کامله، وبهذا لا یمکن لأحد من البشریه بما أوتیت من أسلیب تسویقیه لما لدیها من الثقافات والمعلومات من الوصول إلى مستوى حقیقه الحقائق، وإلى مستوى الجمال الحقیقی للمعارف. لقد ظهرت فی القرن السابق وسائل الاتصال والتواصل بین الناس، ما جعل العالم مترابطاً بشکل شبکی مذهل، تکاد تشعر أنک فی بیت واحد یفصل بینک وبین الآخرین جدار وباب، بل وصل الحال تکاد تشعر أنک بحضور الآخرین فی جوارک، وهذا الأمر لا ینبغی أن یشکل أمراً غریباً على الحاملین لمسؤولیه الدعوه الإسلامیه، لأن مثل هذا الجو من ذاتیات الرسائل السماویه حیث الترابط شبکه السماء من أوائل بدء الخلیقه بعالم الیوم والغد، إضافه إلى شمولیه هذا الترابط الشبکی الوجودی بکل مکونات الوجود، وهذا کله یترابط بشکل رائع وجمیع بخالق الوجود، غایه ما فی الأمر أن على الداعیه أن یکون قادراً على توظیف تلک الرساله السماویه الطاهره فی عالم مادی تتفاوت فیه الادراک العقلیه، وتزید عناصر التحدی لها ما قد یظن المرء الذی لا خبره لها فی عالم الرسائل السماویه باستحاله القدره على النجاح، إلا أن المرتبط بالسماء یعلم أن هذا لا یشکل أمامه أی تحد لأنه یملک زمام النجاح والانتصار فی سوق المعارف الوجودیه الحقه. وهذا البحث یحاول تسلیط بعض الضوء على المسائل التی تقدمت، على أمل التوسعه فیها إن شاء الله تعالى لاحقاً.

تبلیغات