۱.
نعلم أنّ التاريخ البشري کُتب وما زال يکتب، من وجهه نظر المنتصر ومن وجهه نظر السلطه الحاکمه، وهذا على المستوى العالمي، طالما خلا الإيمان والأريحيه من قلوب قاده الشعوب، وفي تاريخنا الإسلامي نجد نفس الآفه، ولذلک دائماً ما يجتهد المؤرّخون المنصفون ليعدلوا ميزان الرّوايات التاريخيه، وإظهار الحقيقه. هذا حدث بخطايا کبرى التاريخ الإسلامي؛ لأنّ المسلمين منذ البدايه ربطوا بين روايات التاريخ والدين، ربطوا بين الزّيف المُدوّن والتقوى، بحيث يتهم من يقرأ التاريخ قراءه منصفه في دينه وإيمانه وإنسانيته.
۲.
کلید واژه ها:
أبو طالب علیه السلام شيبه الحمد البعثه النبويه النبي
اذا تصفحنا التاريخ الاسلامي وجدنا مواقف عديده لأبي طالب عم النبي الکريم صلی الله علیه و آله. مواقف تنمّ عن عقيده وإيمان صادق بالله عزّوجل بعيده عن أيّ لون من ألوان الشرک وقد تمثلت تلک المواقف في حقّبتين من حياه شيخ البطحاء وناصر الرسول مرحله ما قبل البعثه، والأخرى من بعد البعثه النبويّه وبزوغ فجر الاسلام اذ وجد نفسه أمام المجتمع القرشي الذي اراد ان يقضي على الرساله المحمّديه، الا ان ابا طالب بدعمه للرسول الاعظم محمّد صلی الله علیه و آله شکل منعطفاً هاما في عصره وذلک باتخاذ مواقف تاريخيه لنصره الدين الاسلامي في مجتمع کان يشرک بالله العظيم بحميته الجاهليه وبقياده رؤوس الشرک الذين کانوا يجثمون على صدر الانسانيه.
۳.
تتناول هذه المقاله مسأله مهمه في حياه العرب قبل وبعد الإسلام ألا وهي القيم الإجتماعيه لرفعه مقامها عندهم. وهذه القيم الإجتماعيه إنما نتناولها فيما يرتبط بمکانتها عند أبيطالب علیه السلام في دفاعه عن النبي صلی الله علیه و آله وأساليبه في تسخيرها لصالح النبي’ ودعوته من خلال أشعاره التي جُمعت في ديوانه. وقد اختصت هذا المقاله ببيان قضايا النسب والقبيله فقط لا جميع القيم. وکان الإعتماد في کشف هذه القيم ومکانتها وأساليبه علیه السلام من خلال ديوانه أي اعتماداً على الشعر لا النثر واقتصر مستوى بيانها عن طريق تناول المفاهيم المرتبطه بقضايا النسب والقبيله من خلال أشعاره کشفاً لما تمثله في ذهنه وذهن أهل زمانه وکيفيه إيرادها في خطاباته ومناسبه ذلک. ومن خلال البحث يتضح بأنه کان يستفيد من قضايا النسب والقبيله بشکل خاص حفظ فيها حياه النبي صلی الله علیه و آله في صغره أمام أهل الکتاب وبعد دعوته أمام نفس قبيلته التي کان يدافع عنه بهم. ومن مصاديق هذه القضايا الأخوه والعمومه اللذان کانا بمستويين؛ أحدهما مباشر والآخر غير مباشر وذلک من قرب النسبه وبُعدها، وکذلک استفادته من الخؤوله. وکانت أساليبه في تسخير هذه القضايا في دفاعه عن النبي صلی الله علیه و آله عديده. منها استفادته من الجانب العاطفي في خطابه مع قومه، ومنها الجانب الإعلامي والعملي، وکذلک مدح الخصال الحميده وذم القبيحه
۴.
ان اسلام أبي طالب علیه السلام عم النبي الکريم’ من القضايا التي اکتنفها الغموض لدى ابناء العامه غير ان هناک روايات تناقلها الفريقان تثبت اسلامه بوصفه ناصر الرسول صلی الله علیه و آله ووالد الوصي. فمن هذا المضمار قمنا بدراسه الروايات الکثيره التي وردت في الباب کما عالجنا هذه الروايات من حيث متنها ورجالها وفق ما جاء في کتب اهل السنه والجماعه منها الجامع الصحيح لمحمّد بن إسماعيل البخاري، صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري، وسنن الترمذي وسنن أبي داود مستمدين في ذلک من روايات من کتب العامه مخالفه لما طعنوا أقرانهم في روايات الباب کما قمنا في نهايه المطاف بذکر اقوال العلماء من الفريقين في تأکيد اسلام أبي طالب ومنزلته.
۵.
ان السيره النبويه لابن هشام کتبت وفق ثقافه الامويين والعباسيين وبأقلام مؤيديها. لذلک نجد في هذا الکتاب الروايات والاخبار والاحداث التي تتفق مع افکار ورؤى المنهجين الاموي والعباسي. فان ابن هشام عاش في أحضان العباسيين وفي بلاط الخلفاء والامراء. فما ورد في سيره ابن هشام من اخبار وروايات تخص أبي طالب وأهل البيت علیهم السلام ليس ببعيده عن ذلک المنهج المتعمد اتباعه في تدوين اخبار السيره النبويه. لذلک قمنا بدراسه تحليله لمتن سيرته ومطابقتها مع کتب التواريخ والاحاديث لنسدل الستار عن انحياز ابن هشام الى خلفاء عصره. ومن ثم کشفنا في خلال البحث عن زيف اخباره حول شيخ البطحاء أبي طالب عم النبي الکريم صلی الله علیه و آله وذلک من خلال دراسه ونقد الروايات والاخبار المناهضه لنص السيره النبويه لابن هشام.
۶.
قد أهمل ذکر کثير من الرجال البارزين على امتداد العصور الاسلاميه ولم ينصف کثير من الرجال الذين بذلوا الغالي والنفيس في خدمه الرساله. ومن هؤلاء شيخ الاباطح سيدنا ابوطالب علیه السلام فقد تنکر له التاريخ الاسلامي ولم ينصفه رغم انه وقف حياته في سبيل الاسلام وجعل کل إمکاناته ومکانته في قريش لأسناد النبي صلی الله علیه و آله ولم يأت ذلک التنکر جهلاً منهم بل لأمر أکنته صدورهم لا يخفى على ذوي الفکر والبصائر. والامر هذا يتعلق بولده علي علیه السلام الذي له صولات وجولات معهم على امتداد الخط الرسالي فقد خلقت تضحياته وسيفه البتار المزيد من الحقد والإحن في نفوس القوم ما انعکس على الکتابه عنه وعن والده. فقد ادعي نزول آيات قرآنيه بحقه في معرض الذم واحاديث اخرى موضوعه منها حديث الضحضاح. من هنا انبثق عنوان البحث فتکفل ببيان هذا الامر وتسليط نظاره التنقيب على هذا الحديث المزعوم بل المختلق سنداً ومتناً وجاء في مبحثين، تناول الاول نبذه عما ذکره الکتاب والمؤرخون المنصفون عن هذه الشخصيه العظيمه وانتظم الثاني ببيان حقيقه حديث الضحضاح وقيمته من ناحيه السند والمتن لأجل تجليه الحقيقه ورفع الستار عما حاوله المغرضون والمرجفون من ألصاق التهم زوراً وبهتاناً بهذه الذات المبارکه وجاءت الخاتمه ملخصه لمجمل ما جاء في البحث. على ما حققنا لا يبقى مندوحه للتخرصات والاکاذيب والاقاويل حول هذا الرجل.