تختلف أحیاناً دلالات الألوان عن خواصّها المادیة المعهودة لها مما یجعل المتلقی أن یسرّح فکره فی ثنایا النص لیکتشف تلک الرؤیة غیر المعهودة واستیحاء دلالاتها استعانة بالعلامات المتبلورة فی النص، وتبحث المقالة عن دلالات الألوان عند أبی تمام مستعینة بالسیمیائیة لکشف مدلولاتها؛ حیث إنها قادرة على تقدیم حلول مناسبة لفهم ما یعرو ظواهرها من إبهام فکل لون یحمل دلالة سیمائیة فی النص الشعری خصوصا أن أباتمام یسعى من خلال ذلک أن یترک فی شعره شحنات تعبیریة یفرغها قصداً، ومن هنا رأینا ضرورة البحث عن دلالات الألوان وأبعادها النفسیة؛ لأن السیمائیة تمیط اللثام عن دلالاتها وإیحاءاتها الشعریة، وقامت الدراسة على وفق المنهج الوصفی التحلیلی لتبیّن تلک المدلولات الغائرة فی الألوان المتنوعة ضمن عدد من الأبیات الشعریة المنتخبة، وتبیَّن أنّ أبا تمام یستخدم الألوان فی شعره للتعبیر عن مشاعره فهی وسائط لإبرازها یستعین بها فی تلوین شعره، وأن الدلالات العقلیة والطبیعیة والوضعیة متوفرة فی شعره، فإنها لعبت دورا بارزا فی إبانة المعانی الثانویة وتفسیر ما یعرو دلالات الألوان الثانویة من غموض وإبهام. وتبیّن، أخیراً، أن أبا تمام شاعر رسّام مبدع استطاع بمخیلته أن یزاوج بین الألوان الأصلیة بغیة خلق لون جدید یحمل دلالة معنویة کان یقصدها، وفی نفس الوقت معبّرعن حالته النفسیة، وتتحقق تلک العملیة الفنیة بأسلوب أخّاذ.