إن احتلال أرض فلسطین، وما تبعها من قتل، وظلم، وبطش، وتشرید، دفع المواطن الفلسطینی إلی مواجهة المحتلّین بکل وسائل المقاومة، والتصدّی لهم بروح الوطنیّة والبسالة، والصمود والتحدّی فی سبیل الحریة؛ فضاق الاحتلال ذرعاً بهؤلاء المناضلین الذین دأبوا علی تحریر وطنهم من مخالب اسرائیل، فزج بهم فی غیاهب السجون والمعتقلات، وأخذ یمارس ضدّهم أنواع الظلم، والتعذیب، والمهانة اللاإنسانیّة بغیة إطفاء هذا المشعل الوهّاج، لکنّ هؤلاء السجناء حملوا رسالة نضالیّة وتوعویّة لأبناء الشعب الفلسطینی المقاوم، وکان لتجربة السجن التی عاشها هؤلاء المناضلیّن دورٌ بارزٌ فی نمو القیم الإسلامیّة والوطنیّة وترسیخ ثقافة المقاومة. وقد اهتمّ الکثیر من شعراء المقاومة بتجسید مواقفهم وبطولاتهم، ومن هؤلاء الشعراء الذین أفردوا دیواناً کاملاً للسجناء هو الشاعر الفلسطینی «هارون هاشم رشید». هذه الدراسة ستسلّط الضوء علی صورة السجین فی شعره، ووفقاً للمنهج الوصفی-التحلیلی، تهدف إلی استظهار ملامح السجناء ومواقفهم البطولیّة فی دیوان «وردة علی جبین القدس» من أجل التعاطف الجماهیری مع هذه الشریحة المضطهدة. وقد توصّل البحث إلی نتائج أهمّها: أنّ الشاعر ابتعد عن الندب والبکاء علی السجناء، واتّخذ الشعر للمطالبة بحقوقهم وحریّتهم والتعاطف معهم. وحاول هارون إظهار بطولات السجناء لکی یزرع الأمل فی النفوس ویدعم المقاومة، کما سعی إلی فضح سیاسات المحتلین إزاء السجناء وتعذیبهم، لاستنهاض همم البلدان العربیّة فی التصدّی إلی هذه القضیّة.