إنَّ القصر من أهمّ مباحث یُطرح فی علم المعانی وله طرقه المختلفة. یذهب کثیرٌ من القدماء إلى تسویة هذه الطرق فی الدلالة وإلقاء المعنى على المتلقّی، ولکن فی رأینا أنّ کل طریق من هذه الطرق یختلف عن آخر، فالقصر بالنفی والاستثناء یختلف عن القصر ب «إنما»، والقصر بحرف «بل» یختلف عن القصر بحرف «لا».
تسعى هذه الدراسة التی اعتمدت فی خطتها على المنهج الوصفی التحلیلی أن تکشف عن الفروق الأساسیة بین طرق القصر. وهذا بالتأکید على أن لکل طریقة معنى یفرّقها عن الأخرى.
توصّل البحث إلى أنّ تعدد طرق القصر دلیل على ثراء اللغة و تنوع صیغها، وهی لیست من قبیل الترادف، بل بینها فروق جوهریة فی النحو و المعنى. وملخص ما یتیح لنا ذکره فی هذا المجال هو أن کلّ بنیة للقصر یتضمن معنى لا یوجد فی بنیة أخرى و لها دلالة لا یمکن الحکم علیها بالمساواة بینها وبین الآخر. إضافة إلى أنَّ أحکام الوجوب انتقلت من النحو إلى البلاغة فی تمییز مواضع المقصور من المقصور علیه، و هذا الوجوب یمنح المعنى دقة و بیاناً. فی النهایة جدیر بالذکر أن القصر بصیغة ""النفی والاستثناء"" بما فیه من بنیة نحویة متقن وخاص، یعدّ أهمَّ أسالیب للقصر فی إلقاء المعنى.