یعدّ عبد القاهر الجرجانی من أبرز المجددین فی مناهج الدراسة اللغویة والأدبیة وقد استقل عن معاصریه فی متابعة نظریة النظم التی أصبح بمرور الزمن رائدها الأول بلا منازع، فالجرجانی اهتدى إلى البنیویة بمفهومها المعاصر قبل أن یهتدی إلیها أی عالم ونظریة النظم عنده تشهد له بعبقریة لغویة منقطعة النظیر. تصبو هذه الدراسة فی جزء یسیر مما یمکن درسه إلى إلقاء الضوء على آراء الجرجانی مقارنة مع الآراء اللسانیة الأخرى خاصة آراء سوسیر وتشومسکی. یقوم منهج البحث على المنهج الوصفی الذی یحاول إبراز وجوه التشابه بین عبد القاهر الجرجانی وبین سوسیر وتشومسکی، بحیث یبین أن آراء عبد القاهر تقترب من المحدثین بل تکاد تتفق معهم فی نواح کثیرة من دراسته. کما نظرته إلى اللغة بأنّها بناء ونظام ونسق من العلامات وتأکیده على اعتباطیة العلاقة بین الدال والمدلول وإیمانه بأن المفردة تکسب قیمتها الدلالیة والجمالیة داخل السیاق کلها تدخل فی صلب نظریة البنیویة.