تعتبر الحریة من أهمّ المبادئ التی ارتکزت علیها الوجودیة؛ فهی توحّد بین الإنسان والحریة، وتعتقد أن لا إنسان بلا حریة، فتجعل منه ذا حریة مطلقة، دون أن تؤدّی إلی الفوضویة. إنّ روایات سهیل إدریس، والذی یعدّ من أبرز مروّجی الوجودیة فی الأدب العربی، قد عکست کثیرا من المبادئ الوجودیة، بحیث تعتبر منطلقا هامّا لنشر الوجودیة کفلسفة ذات لغة معقدّة بین الناس عن طریق لغة أدبیة. وروایة ""أصابعنا التی تحترق"" - کآخر حلقة فی ثلاثیته - قد قدّمت نموذجا عن البطل الوجودی الذی ینادی بأهمّ الشعار الوجودی نتیجة حاجة الإنسان العربی الماسة إلیه وهو الحریة. والحریة الوجودیة قد شغلت مساحة واسعة من هذه الروایة. إنّ هذه الدراسة قد تولّت من خلال المنهج الوصفی – التحلیلی مهمة دراسة الحریة الوجودیة ومیزاتها فی هذه الروایة. فالنتائج تدلّ علی أنّ هذه الحریة توصف دائما بالمطلقة، والبطل یرفض کلّ ما یخالف هذا الإطلاق، ویصاحبه القلق نتیجة ممارسته للحریة المطلقة، والمسؤولیة هی التی تحول دون أن تنتهی هذه الحریة المطلقة إلی الفوضویة.