المصاحبة اللفظیة ظاهرة لغویة تشیع فی جمیع اللغات ولا تختصّ بلغة واحدة، والمراد منها هو الترابط المعتاد لکلمة ما فی لغة ما بکلمات أخری معینة فی جمل تلک اللغة. وهی مبحث مهم فی علم الدلالة، لأن لها دورًا هامًا فی توجیه دلالة کثیر من الألفاظ والتراکیب وهی سمة ممیزة لبنیة النّصّ ومفتاح لقراءته وتحلیله وتفکیکه. هذه الظاهرة تؤکد علی أننا بحاجة إلی النظر فی تراکیب الألفاظ وتلازمها وتصاحبها للوصول إلی المعنی المراد إضافة إلی المعنی المعجمی للألفاظ. تحلیل المصاحبات وتصنیفها یمیطان اللثام عن المقومات الأسلوبیة فی لغة الشاعر ونظامه الفکری ویساعدان القرّاء والنقاد علی إصدار حکم نقدیّ واقعی بالنسبة إلی الشاعر.
یقوم هذا البحث بتتبّع المنهج التوصیفی- التحلیلی بدراسة أشعار لبید بن ربیعة العامری من منظار علم الدلالة وخاصة ظاهرة ""المصاحبة اللفظیة"" للإجابة عن السؤالین الأصلیین: ما هی وجوه المصاحبة اللفظیة الموظّفة فی شعر لبید؟ وکیف تسهم هذه الظاهرة فی تحدید دلالة التراکیب والألفاظ وفی إدراک المعنی؟ یظهر من خلال هذا المقال أن الشاعر وظّف المصاحبات اللفظیة علی المستویین الأساسیین الفعلی والاسمی بأنماطهما المختلفة فی شعره. ونری أنّ المصاحبة اللفظیة لها أهمیة خاصة فی الوصول إلی غرض الشاعر لأن بعض الأحیان تحصیل المعنی المقصود لا یمکن إلا عن طریق دراسة هذه الظاهرة اللغویة.