اتّخذت الصوفیة من الشعر الغزلی الأصل، وجعلته وسیلة للکشف عن معانیها، کما فعل الصوفی الکبیر محی الدین ابن عربی، والحق إنّ الأشعار التی نجدها فی دیوانه ترجمان الأشواق تعدّ من الناحیة الفنیة أکثر قصائده اکتمالاً ونضجاً وامتلاءاً بالمصطلحات الاستعاریة والرموز الشعریة الموحیة. إنّ ترجمان الأشواق هو تعبیر عن تجارب عرفانیة خاضها الشاعر باحثاً عن القرب الإلهی ومعرفة الله والحکم الإلهیة ومقام الفناء فی مشاهدة المعشوق الحقیقی، وفی ذلک یستمد من الأمور الحسیة الجزئیة کی یرمز بها إلى الفیض الإلهی الذی یشرق على نفسه؛ وعلى هذا نحن فی هذا المقال إستناداً على المنهج الوصفی التحلیلی ندرس ثلاث قصائد من هذا الدیوان لنرى کیف یعتمد الشاعر على الرموز کی یصوّر لنا العالم العلوی.