إنّ من أهم مقومات الأدب الملتزم هو الوعی الممکن عند الشاعر والإیمان بتجاوز المرحلة الزمنیِّة المعیشة. الحقیقة الشعریِّة تتطلب من الشاعر أن یواکب تأسیس الوعی بالواقع الإنسانی عند المتلقی برؤیة مستقبلیِّة تکسبه الصدقیِّة فی التعبیر وفی المشاعر وفی التجریب الشعری والشعریِّة الحقیقیِّة تتجلّی فی الجمع بین الوعی الفعلی الذی یرتبط بإدراک الواقع والوعی الممکن الذی یرتبط بالرؤیة المستقبلیِّة فی الخطاب الشعری.بشری البستانی صوت شعری مسکون بالأمل لا یخفت أصلاً ولا یتزعزع أمام عوامل السلب والانفصال التی عمدت ولاتزال لتحطیم فاعلیات المکان. إنَّ الأمل بالمستقبل الزاهر الطافح بالحیویة والفاعلیة هو سلاحها الذی به تقاوم عوامل السلب والإنفصال المشتبکة بواقع الأمة وهو الذی یحقِّق الحضور ویفتح أبواب الخلاص من المحن والمکابدات المنثالة علی الأرض العربیِّة وإنسانها ویلمُّ بعثرة المکان ویردم الهوات التی تخلقها عوامل السب والانفصال علی وجه الأرض ویجعل الإنسان المعاصر أن یتمکن من التماسک والمقاومة والتشبث بالبقاء فی مواجهة عوامل السلب والانفصال. الرؤیة المستقبلیِّة التی تطغی مسحتها علی کلّ کلمة تقولها بشری البستانی تنمّ عن الوعی الشعری المتقدم للشاعرة حیث تری أنّه لولا الأمل والتفاؤل ما یصمد الشعب ولا یتمکّن من مواجهة العدوان. ینصبّ الاهتمام هنا إلی دراسة هذه الاستراتیجیة الفکریة فی خطاب بشری البستانی الثوری الذی تطغی علیه مسحة التفاؤل ومن هنا یتمّ الترکیز علی بعض الشواهد المناسبة والعکوف علی فحصها ودراسة دلالاتها ومکوناتها وبیان ما یشعُّ عنه من الإیحاءات المحدّدة لتقدیم دراسة نقدیة متکاملة لاستجلاء الرؤیة الفکریة والفنیة لهذا الخطاب الشعری والمنهج المختار هنا هو الوصفی التحلیلی والبحث اتخذ فی تحلیل الأشعار السیمائیة مساراً له لدراسة واستنطاق الرموز والدلالات التی تبعث علی الأمل والتفاؤل فی خطاب بشری البستانی الشعری.