لأبی نواس شخصیة فذّة أثارت جدلاً حاداً بین النقّاد من القدامى والمعاصرین والتّی ما تزال تُثیر حوله الکثیرَ من الجدل؛ فلایمکن التعرف علی حقیقة شخصیّته وشخصیّته الحقیقیّة إلا بعد إعادة القراءة فی أغلب ما قیل حوله؛ وللوصول إلی هذا الغرض نحن بحاجة إلى نوع خاص من الحزم والحذر فی قبول ما قیل عنه وما نُسِبَ إلیه، وکذلک بحاجة إلى تقویم جدید لنهج حیاته وطریقة تفکیره التی لاتُفهم من خلال ظاهر أشعاره، فی کثیر من الأحیان، ولاسیما أشعاره الخمریة. المقال الذی بین أیدیکم قد تناول آراء النقاد القدامی بصورة عابرة وقام بمعالجة آراء النقاد المعاصرین بشیئ من التفصیل لتبیین مقدار إفراطهم علیه بسبب التحالیل النفسیة التی لا أثر لها فی تحالیل النقّاد القدامی ولا أساس لها من أصل. ولإنجاز هذه المهمّة تمّ الاستناد إلی بعض الأخبار والأشعار التی سببت أن تتزاید أخبار السوء حوله وحول أمّه وإلی بعض الأبیات والقصائد التی تشیر إلی الأجواء السائدة علی تلک الفترة والأبیات التی تدل علی بعض معتقداته من وجهة النظر السیاسیة والدینیة.