تُعتبرُ الحریةُ من أعظم القیم الإنسانیة وهی إحدى الأدوات التی تُتیح للفرد استمراریة الحیاة والتطور، فلهذا کانت الشعوب تطمح إلیها دوماً. إنّ کلمة الحریة لها جذورٌ تتعمقُ فی تاریخ البشریة، وقد ظهر مفهومُ الحریة بمدلولات منها؛ المطالبة بالعدالة، والبحث عن الحقیقة، والترعة إلى الکمال، والترکیز على نمو الکیان الإنسانی. قد تجلّت الحریةُ فی آداب الأُمم بصُوَر متنوعة. أما الحریة فی الأدب العربی المعاصر فإنّها قد تمَّ تداولُها بین الأوساط الأدبیة بأشکال مختلفة، خاصةً قد تجلّت فی ثوب ما یُطلَقُ علیه الحریةُ الوجودیة والّتی ترتکزُ على وعی الإنسان وفکره.
تسعى هذه المقالة إلى أن تتناول رؤى الشاعر المعاصر السوری، یوسف الخال، عبر ما قرضه من القصائد، فقامت بتحلیلها مرتکزة فی ذلک على ثلاثة محاور أساسیة: الحریة السیاسیة، والحریة الاجتماعیة، والحریة الوجودیة؛ وذلک لأن الشاعر قد ضاق ذرعاً من ضیم الصهاینة حیث یعتقد أن الحریة لا تتحقق إلّا بالمثابرة، والکفاح، والتضحیة. ویرى أنّ الحریةَ الاجتماعیة هی استتبابُ الحریة على أرض الواقع لکی تمهّد الطریقَ لِتواجُدِ الشعبِ فی المجالات المتنوعة.
کما أن الشاعرَ وجودیٌّ یشغله شأنُ الإنسان وهواجسُه؛ فالإنسانُ لَبنة یبنی علیها أفکاره ورؤاه، ویعتقد أن الحریة طریقُ للوصول إلى الحقیقة، کما یرى أن التعقّلَ أهمُّ أساس لتحقیق الحریة، ویتخذ الشاعر منه مرکبا للوصول إلی الحریة الحقیقة.