یعتبر شیخ الإشراق أولّ من أدلی برأی حول عالم المثال فی الحضارة الإسلامیة. فقد أثّر موقفه المهم فی کتابه حکمة الإشراق وسائر أعماله تأثیراً بالغاً فی درجات العالم فی الحکمة الإسلامیة خاصة فی «الحضرات الخمس» لإبن عربی وما هذا الموقف إلا إثبات عالم وسیط بین عالم الأنوار وعالم المادّة کبرزخ بین الدنیا والآخرة (أو کبرزخٍ بین عالم المثال وعالم المادّة أو بین الصّور والأشباح والموجودات المادیة المشهودة) توسّعت وظیفة الخیال فی الحکمة الإشراقیة عند شرح عالم المثال الذی اعتبره فارابی کعاملٍ لتبیین الوحی والنبوّة وشرحه ابن سینا فی الشفا شرحاً وافیاً واعتبر رمزًا لإنعکاس الصور الخیالیة فی الساحة البرزخیة کقوةٍ من قوی النفس الباطنیة. انطلاقاً من هذا واستنادًا إلی الآیات القرآنیة کهذه الآیة: «فتمثّل لها بشرًا سویّاً» وما جری فی تمثّل جبرئیل لدحیة الکلبی علی النبیّ الأکرم (ص)، صار عالم المثال کخزینةٍ للصور المثالیة التی تظهر لخیال الإنسان، خاصةً بالنّظر إلى النقطة الدقیقة التی أشار إلیها شیخ الإشراق فی تفسیر أصل «کن» حیث یرى السالک قادرًا على خلق هذه الصور. یتناول هذا المقال قوة الخیال ووظیفتها، معتبراً إیاها بعداً معرفیّاً للخیال، أدّی إلى ظهور مصطلحاتٍ کالخیال المنفصل والخیال المتصل، ثمّ یتناول عالم الخیال (عالم المثال) ودور هذه الآراء فی تبنی أوّل الآراء الحکمیة وأهمّها فی مجال الفنّ والمعماری الإسلامی.