الاستقراء

ظاهرة التّرادف قضیة محوریة فی الدراسات اللسانیة، قدیمها وحدیثها، وهی قضیة متداخلة فی کل العلوم والاختصاصات الأخرى ویترتّب علیها آثارٌ وضعیةٌ مع وجود الاختلاف حول التّرادف نفسه، وحول مدى فاعلیته أو أوجه الاستفادة منه؛ کما یعدُّ التّرادف من الظواهر اللغویَّة المهمّة؛ لعلاقة الألفاظ بالمعانی من أثر التواصل بین الناسِ؛ ففکرة التّرادف فی حقیقتِها مسألةٌ دلالیةٌ قبل کلّ شیءٍ، تتعلّقُ بالمعنى وما یعتریه من تغیّر من جراء الاستعمال. فقام البحث بدراسة ما هی المسمّاة بالترادف فی ألفاظ نهج البلاغة، وقدتوصّلنا إلى نتائج من أبرزها أنّ مفهوم التَّرادُف لایعنی الاتحاد التامّ فی المعنى، ولا یعنی المساواة فی الدلالة، وإلاّ لسمیّت بالألفاظ المتساویة، وإنّما هی مترادفة بمعنى أنّ بعضها یقوم مقام بعض. وإنّ التَّرادُف ظاهرة موجودة فی اللغة العربیة، ولکن لیس بالکثرة المزعومة، فإنّ أغلب ما سمّی بالمترادف لا صحّة له، وربّما کان لخلط جامعی الألفاظ المترادفة ومنهجهم الأثر فی ذلک. ومن نتائج التطبیقات على نصوص نهج البلاغة، اتضح خلوّه من ظاهرة التَّرادُف، لوجود الفروق الدلالیة بین المفردات؛ فإنّ نهج البلاغة جاء سیاقه اللغوی مطابقاً سیاقه الاجتماعی من قبل واضعه، فالکلمة فی نهج البلاغة، اختارها الإمام علی (ع) قاصداً لفظاً ومعنى فی موقعها المحدّد، فهی أصیلة فی وضعها ومعناها. والمنهج المتّبع فی البحث هو المنهج الوصفیّ، ولعل هذا المنهج یَتلاءمُ مع طبیعة البحث حول الترادف.

إنّ الاستدال هو من آلیات الإقناع لکلّ خطیب وترتبط عملیه الاستدلال ارتباطًا وثیقًا باللغه ویستعمل الاستدلال المباشر فی القضایا التی لا یُمنع من استعماله فیها أی مانع، ویعدّ أوضح؛ ویستعمل الاستدلال المباشر فی کل مجال لا نلجأ فیه إلى استعمال الاستدلال غیر المباشر. الاستدلال المباشر له ثلاث طرائق، هی: الاستقراء، والقیاس، والتمثیل. یهدف الخطاب السیاسی إِلى الإِقناع، ولذلک یحاول الخطیب أن یقدم أفکاره بربط منطقی قائم على منظومه فکریه تحمل کثیرًا من المفاهیم والدلالات التی تساعد الفرد على فهم جوانب الواقع السیاسی والاجتماعی. فقد اعتمد الباحثون فی دراستهم هذه على المنهج الوصفی والتحلیلی إذ یقوم على استقراء أنواع الاستدلال المباشر فی خطب السیّد حسن نصرالله ومن ثم تحلیلها وتبیین أغراضها. یتطرق هذا البحث إلی ثلاثه محاور: حضور الاستدلال الاستقرائی فی خطب السید نصر الله، وحضور الاستدلال القیاسی فی خطبه ثمّ دراسه الاستدلال التمثیلی فیها. أظهرت دراسه خطاب السید نصر الله أنّه استخدم منهجاً علمیاً فی مقاربته الأحداث فی لبنان والمنطقه، یقوم على الاستدلال من خلال استقراء الوقائع، وترتیبها وتنظیمها، ثم یقیس علیها قیاساً منطقیاً، من مقدمه أولى، ومقدمه ثانیه، ونتیجه القیاس؛ أما الاستدلال التمثیلی، فینطلق من أمثله متشابهه، لکشف الحقائق، وتنمیه المعارف وإظهار العلاقه بین العله والمعلول؛ ویهدف السید حسن نصر الله حین ینطلق من المسلمات الى إعطاء مقدمات صحیحه للوصول الى نتائج صحیحه، وغایته فی ذلک إظهار أهمیه المقاومه فی لبنان، وفلسطین، ودور العدو الصهیونی والأمریکی فی الهیمنه على المنطقه، وأثر الشهاده فی العمل المقاوم، والارتباط بالنهج المحمدی الحسینی، ویستشرف المستقبل بتداعیاته، لینبّه الأمه، ویبث فیها روح التفاؤل، ویدعوها الى مقاومه کل ظالم لحقوقها.