تعرّف الدراسات السیکولوجیه الحدیثه ظاهره النرجسیه بأنّها الشعور المفرط بتعاظم النفس والاعتداد بالذات وتضخیم النفس وقد عرّفها المحلل النفسی النمساوی الشهیر"أوتو کیرنبرغ" ووضع أساساً لتشخیص الشخصیه النرجسیه، حیث قدّم تعریفا واضحا للشخصیه النرجسیه المضطربه والمعتدله فی ضوء إحدى عشره سمه واضحه، ومنها المیل إلى الافتخار بالذات واستعراض القوّه والشهره وتفضیل الآباء والأسره على الآخرین والشکوى من الحساد. إذن فهذا المقال یرمی إلى إزاحه السّتار عن ظاهره النرجسیه وتداعیاتها المختلفه لدى الشاعر العباسی أبی العلاء المعری وفقا لآراء "أوتو کیرنبرغ" النفسیه والمنهج الّذی اعتمدناه فی هذا المقال هو المنهج النفسی القائم على دراسه أشعار الشاعر الذی یهدف إلى الکشف عن عالمه الفکری والنفسی المتمثل فی النرجسیه والفخر. بإمکاننا أن نرصد مظاهر هذه النرجسیه فی معظم أشعار الشاعر ولکن تکاد تکون فخریاته المنشوده فی دیوانه الشهیر المعنون ب "سقط الزند" مرآه صافیه وصادقه تعکس نرجسیه الشاعر وأصداءها بشکل لا غبار علیه. هذا وقد حاولنا إلقاء الضوء على أهمّ أسباب وعوامل نشوء هذه الظاهره النفسیه بداخل الشاعر؛ حیث یمکن اعتباره من الشخصیات النرجسیه المعتدله وفقا لما یراه المحلل النفسی "أوتو کیرنبرغ". ومن أبرز التداعیات الّتی ترکتها ظاهره النرجسیه عند الشّاعر أنّه أولع بنفسه وبشعره وبالغ فی إعلاء شأنه وفضّل نفسه وقومه على أبناء جنسه کلّهم کما أبدى شکایته مریره من حسد الحسّاد، مظهرا غضبه واستیاءه فی وجه کلّ من یأتی بما لا یرضیه.