یعدّ الرثاء من أهم الأغراض الشعریة القدیمة و أصدقها، بل أصدق ضروب الآداب الإنسانیه على الإطلاق وأکثرها صلة بالنفس البشریة والتصاقاً بالوجدان الإنسانی، وهو من أکثر أغراض الشعر استمراریّة وبقاءا؛ فلهذا وبسبب الصلة الوطیدة بین موضوع الرثاء والنفس البشریة، قلّما نجد شاعرا وهو لا یقرض شعرا فی الرثاء، ولکن هناک بعض الشعراء قد برعوا فی قرض المراثی وهذا بسبب القدرة الذاتیة والحس الرهیف عندهم ولا ننسی البواعث الخارجیة على نفس الشاعر مثل الکوارث والمصائب الوارده علیه؛ وشاعرنا ابن الرومی أحد هؤلاء الشعراء البارعین فی قصائد الرثاء، وهو بصفته شاعر الرثاء حلت به کوارث جسام تحملها بصبر. ومن أجمل قصائده مضمونا وأسلوبا وجمالا، قصیدته "" رثاء البصرة"" والتی نظمها إثر الغارة الغاشمة التی واجهتها مدینه البصرة،حیث أثّرت هذه الفجیعة العظیمة تأثیرا کبیرا على نفسیة شاعرنا وانعکست فی شعره. وقد سعی الکاتب فی هذا المقال أن یسلّط الضوء على الجوانب المختلفة لهذه القصیدة (الموضوعیة - الأسلوبیة – المنهجیة - الفنیة و...) کنموذج شعری للشاعر تتجلّی فیه المیزات العامة لمراثیه.