المفارقة تناقضٌ ظاهریٌ أدبیّ قدیمٌ قِدَم التذَوُّق الشعریّ والنثریّ للإنسان وإبداعه الفنیّ کما هی ظاهرة فنیة یستخدمها الشاعر المعاصر للتعبیر عن المعانی والألفاظ المتناقضة. وهی إثبات لقولٍ یتناقض معَ الرأی الشائع فی موضوعٍ ما بالاستنادِ إلی اعتبار خفیّ علی الرأی العامّ. المفارقة فی الاستخدام تعالج أهداف الأدیب أو الشاعر وتفتح له الطریق لیفصح عمّا یدور فی ذهنه ویعبّر عمّا یرید إلقاءه للمتلقّی باستعمالها. وهی تُستعمل من زمنٍ مدیدٍ فی الأدب لکن لا بصورة مضبوطة کاتّخاذها بعنوان فنّ مستقلّ فی العصر الحاضر. إنّ المفارقة توجد فی شعر أدونیس واضحةً ویصفها أدونیس مع أنواعها ویستعین بها لإبراز أفکاره و عواطفه. یسعی هذا البحث إلی تبیین المفارقة، أو البارادوکس اللفظیّ والمعنویّ، وتبیین مواضعها فی شعر أدونیس، الشاعر العربی المعاصر، کما یسعى إلى تحلیل شعره ویناقش کیّفیّة استعمال هذه الظاهرة عنده. وبعبارة أخری، یسعی هذا البحث إلی رصد وإضاءة السیاقات المفارقیّة فی نوعیها اللفظیّ والمعنویّ فی شعر أدونیس. وقد اتّضح لنا خلال هذه الدراسة أنَّ المفارقة ترکیب أساسیّ موضوعه مبنیّ علی الضدّیّة؛ ونتائج المفارقة عملیّة مشترکة بین المبدع ومحیطه فی البدء. وأدونیس کلّما استخدم هذه الظاهرة أراد بنوعٍ ما أن یرسم التراکیب والمعانی الّتی تدور فی ذهنه بأسلوب یختلف عن الأسالیب الّتی اتّخذها من سبقوه. لقد استخدم أدونیس المفارقة بنوعیها المعنویّة (کالتشاؤم والتفاؤل) واللفظیّة، واستطاع أن یکون متمایزاً کما هو.