تعتبر الهجمة المغولیة من أهمّ الحوادث السیاسیة فی تاریخ الشعبین الإیرانی والعربی لما أثارت فی نفوس الجماهیر من مشاعر الشجی والأسی والسخط علی المحتلین والنقمة علیهم. ومن الطبیعی أن یتأثر منها الأدباء أضعاف ما تأثر عامة الناس لکونهم أرهف أبناء الشعب وأقربهم للانفعال والتأثر من هذه الاعتداءات الإنسانیة العدیدة، أو التعامل والتفاعل معها. ومن هذا المنطلق لقد کان من بوادر الشعراء الذین تغنّوا أصداء هذه الکارثة شمس الدین الکوفی وسعدی الشیرازی من مثیلاتهما حیث صوّرا تصویرا أعمق من غیرهما تأثیرا؛ علی الرغم من البون الشاسع بینهما من الموهبة والذکاء. ولکن من حیث تعاصر الشاعرین واتحادهما فی الإطار التأریخی ذاته تمکّن لنا تناول ما أنشداه فی موضوع المغول من خلال المتابعة والمقارنة الموضوعیة والفنیة وفق رؤیة تحلیلیة ووصفیة لدیهما، وبحثنا هذا یهدف إلی المقارنة بین الدلالات المختلفة للمضامین التی استعرضها الشاعران، والکشف عن وجوه الاشتراک والافتراق بینهما علی ضوء المدرسة الامریکیة. من خلال المتابعة لوجوه الاشتراک والافتراق وما قدّمه هذان الشاعران وجدت الغموض البارزة فی شعر سعدی لایمس شعر الکوفی؛ لأن صیاغة الجمل والعبارات عند الکوفی ذاتیة وطبیعیة ولیست متکلّفة واصطناعیة؛ فتناول الموضوع تناولا أقرب إلی المباشرة؛ غیر أنّ أسلوبهما اتّسم بالمباشرة والتقریریة والاستمداد من الواقع المتمثّل فی مواجهة الغزو.