یرتکز البرنامج الأدنوی المتشعّب من علم اللسانیات على فکره الإیجاز، وعدم الإطاله فی السرد، ویُعدُّ التطرّق إلى جوهر القصه دون الالتفات إلى الزخارف الکلامیه والاستعارات المنمّقه من أصوله؛ کما یمیل إلى محاکاه الواقع أکثر من مکوثه فی عالم الخیال. تُعتبر القصه القصیره جدًّا، من الأنواع الأدبیّه التی وظّفت العناصر الأدنویه بین سطورها القلیله وبذلک تفرّدت عن سائر النتاجات متّخذه إطارًا نصیًا متمیّزًا. هناک بعض القاصّین الذین بنوا کتاباتهم على أساس المنهج الأدنوی، ک القاص المغربی جمال الدین الخضیری والذی نحن بصدد دراسه مجموعه من قصصه القصیره جدًّا، تحت مسمّى "فقاقیع". تروم هذه الدراسه، وفقًا للمنهج الوصفی – التحلیلی، إلى معالجه هذا النوع الأدبی الموجز والبحث وراء العلّه التی أجازت شیوع مثل هذا البرنامج وتسلّله فی الأعمال السردیّه المستحدثه ولاسیّما المجموعه التی سنتطرّق إلیها؛ کما تسعى هذه الدراسه العلمیّه أن تردَّ على بعض وجهات النظر المعارضه للبرنامج الأدنوی عبر تسلیط الضوء على منهجیه هذا المفهوم اللسانی والإشاده بمیّزات توظیفه فی النص القصصی القصیر جدًّا. من هذا المنظار تندرجُ المحاور ضمن البحث عبر عنصریّ الکم والماهیّه؛ إلّا أنّ اقتصادیه الحجم، والشخوص، والفضاء الزمکانی، والحبکه تنضوی تحت محور الکمّیّه والقضایا المتعلّقه بالقضایا الإنسانیه، والاجتماعیه، والسیاسیه، والعصریه، تمثّل الماهیّه. أمّا أبرز النتائج الحاصله فهی أنّ الخضیری یعتبر القصه القصیره جدًّا لقطه مکثفه ومستجیبه لسرعه العصر والمیل إلى الاختصار والنص القصصی القصیر جدًّا یتمتّع فی مجموعه الخضیری، بالکثافه والتقتیر فی أرکان القصه؛ کما یتّسم بنهایات حیّه تنبض فی فکر القارئ إذ یتقاسم الکاتب النهایهَ مع قارئه بواسطه إعطائه دورًا دینامیکیًا بدل الإستاتیکیه المعتاده فی القراءه المحضه ممّا نلاحظ فاعلیه المتلقّی باعتباره العنصر الأخیر والمکمّل الذی ینسج نتیجه القصه المعتمده على تأملاته الاستنتاجیه. وتتسم قصص الخضیری أیضًا ببناء متناغم مع البرنامج الأدنوی وثیمات فلسفیه مکلّله بنزعات واقعیه تساهم فی فتح رؤى جدیده أمام القارئ تجاه الأمور.