ینشد هذا البحث الکشف عن أبعاد النفس الإنسانیة لدى واحد من شعراء العصر الأمویّ، ویلقی الضوء على بعض التبدّلات التی طرأت على المجتمع الأمویّ، والتی أثّرت تأثیراً واضحاً فی أسلوب تفکیر الإنسان فی ذلک العصر، فجعلته یفکّر فی أمور أکثر عمقاً، وأوسع أفقا، تجلّت فی مواقفه تجاه الحیاة التی تشی بالغربة التی کان یعیشها مع ذاته؛ فبدت ملامح الغربة تظهر فی صور المکان الخصب فی أشعار العرجی، التی اتّسمت بالعمق، والدرایة؛ إذ حملت ملامح المسؤولیة، ومعانی التجاوز، فوضّحت قدرة الإنسان على النهوض بنفسه، والآخرین، وحثّته على التماسک الإنسانی، والتوحد الاجتماعی، لتشکیل قوة واعیة طموحة، تتمسک بالأرض.
ویبیّن البحث أهمیة دراسة الصورة للناقد المعاصر، فهی وسیلته التی یستکشف بها القصیدة وموقف الشاعر من الواقع، وهی أحد معاییره المهمّة فی الحکم على أصالة التّجربة، وقدرة الشاعر على تشکیلها فی نسق یحقّق المعرفة والمتعة لمن یتلقّاها.