امتاز عبد القاهر الجرجانی بدقه الرویه وصواب المنهج، مما ساعده على تناول قضیه الإعجاز القرآنی من خلال بحثه فی النظم، بعد أن استقطب جمیع جوانبه لیصبح نظریه لا تزال الدراسات تؤکد صحتها على مرّ العصور.
ولم یکن له ذلک إلا لأنه امتلک خبرهً لغویهً نحویهً قائمهً على رؤیهٍصائبه لقضایا لا تزال موضع بحث، فکانت هذه الخبره أساساً سلیماً، مهّد لمنهج سلیم، مکّنه من التوصل إلى أعظم النتائج.
و فی هذا البحث نحاول أن نعرض مواقفه من أهم هذه القضایا، التی قام على أساسها تفکیرُه البلاغی، والتی کانت رکائز دعمت بناء نظریه النظم، وتتمثل فی الأساس النحوی، والعلاقه العضویه بین اللغه والفکر، ویقودنا هذا إلى رصد تصوره للعلاقه بین اللغه والمجتمع، ومن ثم نعرض لموقفه من قضیه المواضعه التی لا تزال موضع بحث عند الدارسین، لنقف أخیراًعلى ظاهره التحول الدلالی التی تشکل ظاهره مشترکه بین الدراسات الأدبیه والدراسات اللغویه، مما جعلها مضماراً خصباً للتجدید اللغوی.