غیثاء قادره

الثنائیّه الضدیّه بنیه لغویه متقاطعه اللفظ والمعنى، متباینه، ظاهره فی النسق، مضمره، تظهر فی تباینها إبداعاً وجمالاً شعریین، تعتمر نسیجاً لغویّاً یعدّ ترجمهً لنفسیه الشاعر ومکنوناته الداخلیه. والثنائیه: مصطلح یقوم على الربط بین الظواهر المنفصله والتعالق بینها، نشأت من شعورین مختلفین عاشهما الشاعر فی بیئه فرضت معطیاتها نمطاً معیشیاً أیقظ عنده إحساسین متضادین هما: الشعور بالذات، والشعور باستلابها، عکسهما الشاعر فی صور ظاهره ومستتره تعدُّ رکائز ینهض بها البحث، أهمُّها: البقاء/الفناء، والوصل/الفصل، والعوده /الرّحیل، الظّلمه /الضّیاء، الحیاه /الموت. ویتقابل الطرفان المتضادان وقد یتکاملان، ولا أهمیه لطرف منهما بمعزل عن الآخر. یعدّ هذا البحث قراءهً جدیده ًمن مجموعه قراءات تناولت نماذج شعریه لبعض شعراء المعلقات بالدراسه والتحلیل والتفسیر، عبرالتعمق فی البنیه اللغویه الشعریه، واکتشاف الدلالات والرموز، اعتماداً على الثنائیات الضدیه التی تُعالَج فی ضوء دراسه نصّیه تتناول الثنائیات، وتقف على أبعادها النفسیه.

تأتی هذه الدراسة لتؤکد حاجة الشعر القدیم المتسم بقبول تعدد القراءات والتأویلات إلى قراءة جدیدة تُظهِر النص بوصفه منظومة لغویة خاضعة لمستوى من التحلیل وإعادة الترکیب وقائمة فی دلالاتها على أنساق متعددة ظاهرة أو متواریة فی ثنایا النص الشعری؛ تُعایَن من تمایز الصورة والمعنى فی بنیة النص وهی تکسب النص طبیعته الجدلیة، کما تبرز ثقافة الشاعر الجاهلی –المثقب العبدی-الحاضرة فی أعماق الخطاب ومخزوناته الخفیة. یقوم البحث على قراءة أنساق الصراع الوجودی فی شعر المثقّب العبدی، فی ضوء دراسة نصّیة تتخذ من الأنساق الظاهرة والمضمرة وسیلة تعبیر عن ذات الشاعر المتصارعة وجودیاً وأحکام الزمن. ویذهب البحث، بعد معالجة النصوص المثبتة فیه، إلى أن دارس الشعر القدیم لا یستطیع أن یبحث فی أی موضوع من موضوعاته الفنیة بعیداً عن أنساق الوجود و العدم فیه.

یسعى هذا البحث إلى تطبیق المنهج الأسطوری على نصوص من الشعر الجاهلی، تبرز عمق الصور الشعریه، وأبعادها الأسطوریه، وما صاغه خیال الشاعر الجاهلی من بنى لغویه جمالیه. ویسعى –أیضا- إلى إظهار مدى نجاعه المنهج الأسطوری فی تحلیل النصوص الشعریه، والکشف عما اختزنته من أبعاد ورموز رسمتها مخیله الشاعر، وفق مراحل زمنیه ثلاث، أوضحتها نصوص شعریه أمکننا ترتیبها فی القصیده الجاهلیه، على النحو الاتی: 1- الفراق. 2- الرحله والضیاع. 3- البحث عن الذات. وتکمن غایه البحث فی إبراز البعد الأسطوری للصور التی نقلت الحس الشاعری، وتبیان مدى فاعلیه تطبیق هذا المنهج على نصوص الشعر الجاهلی.