شیعه بنی العباس وفرقه الراوندیه (مقاله ترویجی حوزه)
درجه علمی: علمی-ترویجی (حوزوی)
آرشیو
چکیده
متن
تُنسب الراوندیة إلى راوند ـ بفتح الواو ونون ساکنة وآخره دال مهملة ـ وهى بلدة قرب کاشان و إصبهان. و قال حمزة: وأصلها راهاوند، ومعناه الخیر المضاعف. و إلیها ینسب زید بن على بن منصور الراوندى، أبو العلاء المعدل من أهل الرﻯ.1
وإلى هذه النسبة یذهب الأمین، حیث یقول: «الراوندیة... نسبة إلى راوند، بلدة قریبة من إصفهان، ومهد الدعوة.»2
و قریب من هذه النسبة ما ذکره الدکتور فاروق عمر، یقول: «الراوندیة... وهم شیعة بنى العباس، ویرجع إسمها إلى قریة راوند فى ضواحى نیسابور.»3
وقال بعضهم: راوند مدینة بالموصل قدیمة بناها راوند الأکبر بن بیوراسف الضحاک4. والأول أرجح، لأنّ الدعوة العباسیة کانت فى خراسان لا فى الموصل.
نشأة الراوندیة
تتضارب کتب الفرق والمذاهب فى تعیین زمن نشأة الراوندیة، وهذا التضارب یرجع تأریخه إلى زمن إنطلاق الدعوة العباسیة، وبالأخص إلى وصیة أبى هاشم، لأن أبا هاشم، وکما یظهر من النصوص، کان له أتباع وتنظیم شبه هرمى وسرّى، وبحسب الظاهر کانت له لقاءات خاصة مع دعاته، ومن الطبیعى أن تحصل فى هذه اللقاءات دراسة خاصة حول طبیعة الدعوة وکیفیة سیرها، ومن ثمَّ دراسة السبل الکفیلة لإنجاحها، هذا من جهة، ومن جهة اُخریٰ، کان بقاءه فى أرض الحمیمة من بلاد الشام وتماسّه مع محمد بن على وغیره من الشخصیات توجب أن یکون قد عیّن شخصیة تکفل بأن یحافظ علیٰ دعاته وأصحابه وأتباعه، وهؤلاء الدعاة ینظرون إلى من یأتى بعده بطبیعة الحال.
وبحسب استقراء کتب الفرق فى هذا المجال، فإنّه کانت توجد هناک عدة شخصیات مطروحة للزعامة السیاسیة، بحسب المؤهلات التى کانت معروفة لدیٰ أتباع هؤلاء. ولوجود هذه الشخصیات وتعددها، فإنّه قد وقع الاختلاف حول الوصیة التى أوصیٰ بها أبو هاشم للذﻯ یخلفه بعده، کما أنّ هناک من توقف.
والشخصیات التى کانت مطروحة هى: الامام على بن الحسین (ع)، و على بن محمد بن الحنفیة، أو ابن أخی أبى هاشم المسّمیٰ على بن الحسن بن محمد بن الحنفیة، وعبدالله بن معاویة بن جعفر بن أبى طالب، وبیان بن سمعان التمیمى، ومحمد بن على بن عبدالله بن العباس. وحول هذه الشخصیات حصل النزاع فى وصیة أبی هاشم.
و فى کتاب فرق الشیعة، یذکر المؤلف حصول النزاع حول شخصیات ثلاث، حیث یقول:
بعض ادّعیٰ أنه قد أوصیٰ إلى أخیه على بن محمد بن الحنفیة، وبعض ادّعیٰ أنّه قد أوصى إلى عبدالله بن معاویة بن جعفر بن أبى طالب، وبعض ادّعیٰ أنّه قد أوصیٰ إلی محمد بن على بن عبدالله بن العباس.5
وأما الحمیرى، فإنّه یضیف شخصیتین اُخریین، یقول:
وبعض ادّعی أنّه قد أوصی إلى بیان بن سمعان التمیمى، وبعض ادّعی أنّه قد أوصی إلى على بن الحسین وأنّه الامام بعده.6
وبحسب الظاهر نستبعد أن یکون أبو هاشم قد أوصی إلى على بن الحسین (ع)، وذلک لأنّه قد توفى فى سنة 95 ه7، وقیل فى سنة 92ه أو 94 ه8. بینما أبو هاشم قد توفى فى سنة 97ه أو فى سنة 98 ه کما مر، وعلیه فکیف یکون أبو هاشم قد أوصی إلى على بن الحسین (ع) ؟ وأما بالنسبة إلى على بن محمد بن الحنفیة أو ابن أخیه على بن الحسن، فإنّه بحسب الظاهر لم تکن لأىّ منهما میول سیاسیة، وإلاّ لحاولا الدخول فى هذا المعترک السیاسى کما دخل فیه الآخرون.
ومن هنا، تنحصر دعوی الوصیة فى شخصیات ثلاث، وهم: عبدالله بن معاویة، وبیان بن سمعان التمیمى، ومحمد بن على. وکلٌّ من هؤلاء قد کان له أتباع وأنصار. وسُمّى أتباع محمد بن علی بالراوندیة أو العباسیة9.
وقد استدلَّ أتباع محمد بن على، علی کون الوصیة فیه، بأدلة ثلاثة:
1) إنّ أبا هاشم قد مات عنده بأرض الشراة من الشام.10
2) دعوی النسب، حیث قالوا: إنّ العباس له حق فى الخلافة لاتصال النسب؛ لأن الرسول (ص) قد توفى وعمّه العباس أولى بمیراثه.11
3) شهادة أبى ریاح، وبحسب الظاهر أنّ أبا ریاح هذا کان من العلماء ومن الرؤساء لأتباع أبى هاشم، ولأجل هذه المکانة قد اختصم أصحاب عبدالله بن معاویة وأصحاب محمد بن على وجعلوه حکماً علیهم، فقال لهم: «إنّ أبا هاشم أوصی إلى محمد بن على.»12 ونتیجة لهذه الشهادة والتحکیم من قبل أبى ریاح لأصحاب محمد بن على، رجع جماعة من أصحاب عبدالله بن معاویة إلى محمد بن على، وعند ذلک قویت الراوندیة.13
ومن هنا یتضح لنا: بأنّ الراوندیة یقولون بإمامة محمد بن على، وبما أنّ هذا الخصام قد حصل بعد وفاة أبى هاشم وبفترة قصیرة ـ بحسب الظاهر ـ فإذن: تکون الراوندیة قد نشأت بعد وفاة أبى هاشم، أى فى سنة 97 ه أو فى سنة 98ه، بحسب الاختلاف فى سنة الوفاة.
راوندیة أم عباسیة
تُظهر المصادر إرتباکاً ما بین «الراوندیة» و «العباسیة» فبینما تُظهر بعض المصادر علی أنّ الراوندیة فرقة مستقلة، تذکر مصادر أخری أنّها متفرعة عن العباسیة، وفریق ثالث یذهب الی کونها متفرعة عن الکیسانیة. وهذا الارتباک نجده ـ أیضاً ـ قد سر إلى الکتّاب المحدثین. فما هی حقیقة الأمر؟
ولأجل بیان حقیقة الأمر، علینا أن نطرح ما تذکره المصادرأولاً، ومن ثمَّ نری ما یذکره المعاصرون. وبعد ذلک ننتهى الی النتائج التى توصّلنا الیها.
الراوندیة والعباسیة من خلال المصادر
أ) الراوندیة متفرعة عن العباسیة
یقول صاحب کتاب الزینة: «وفرقة یقال لهم العباسیة، زعموا أنّ أبا هاشم عبدالله بن محمد أوصی إلى محمد بن على بن العباس بن عبدالمطلب، لأنه مات عنده بأرض الشراة بالشام...».14
وأمّا عن الراوندیة، فإنّه یجعلها متفرعة عن العباسیة، یقول: «وطائفة منهم غَلَوا عبدالمطلب القول وزعموا أنّ أبا مسلم نبى وأنّ أبا جعفر المنصور هو الاله... وسُمّوا الروندیة، نُسبوا إلى عبدالله الراوندى».15
وأمّا صاحب کتاب مفاتیح العلوم، فإنّه یقول: «العباسیة: وهذه الفرقة منتسبة إلى آل عباس بن عبدالمطلب (رض) وهی علی قسمین: 1) خلالیّة: وهم أصحاب أبو سلمة الخلال. 2) راوندیة: وهم أصحاب قاسم بن راوند.»16
ب) الراوندیة، فرقة مستقلة
تحت هذا العنوان یقول صاحب کتاب الفصل فى الملل والأهواء والنحل: «وقالت طائفة لا تجوز الخلافة إلاّ فى ولد العباس بن عبدالمطلب، وهو قول الراوندیة.»17
و فى هذا المعنى ـ أى: أنها فرقة مستقلة ـ یقول صاحب کتاب مقالات الاسلامیین واختلاف المصلین: «الراوندیة:... وقالوا: إنّ أبا هاشم أوصی إلى محمد بن على، وأوصی محمد بن على إلى إبنه ابراهیم، وأوصی إبراهیم إلى أبى العباس، ثم أفضت الخلافة إلى أبى جعفر المنصور، بوصیة بعضهم إلى بعض.»18
و یقول أیضاً:
ثمّ رجع بعض هؤلاء عن هذا القول وزعموا: أنّ النبى (ص) نصّ علی العباس بن عبدالمطلب ونصبه إماماً، ثمّ نصّ العباس علی إمامة إبنه عبدالله، ونصّ عبدالله علی إمامة إبنه على بن عبدالله، ثمّ ساقوا الإمامة إلى أن أنتهوا بها إلى أبى جعفر المنصور، وهؤلاء هم الراوندیة.19
وإلى هذا المعنى ـ أى: کون الراوندیة فرقة مستقلة ـ یذهب صاحب کتاب الحور العین، لکنه یجعل العباسیة فرقة متفرّعة عن الهاشمیة،حیث یقول: «وقالت الراوندیة: إنّ أولى الناس بالإمامة بعد رسول الله (ص) عمّه العباس بن عبدالمطلب، لأنه أقرب إلى رسول الله (ص) نسباً وأمسّهم به رحماً...».20
و یقول ایضاً: «أو صح قول الراوندیة أنّ الإمامة من التراث وإنّها لأقرب العصبة من الورّاث، فأنّها بعد النبى للعباس، بغیر إفک عندهم ولا إلتباس...»21
وأمّا عن العباسیة، فإنّه یقول عنها: «إنّ الهاشمیة افترقت إلى خمس فرق ، وهى: 1ـ.... 2ـ العباسیة؛ وقالت الفرقة الثانیة من أصحاب أبى هاشم: إنّ الامام بعد أبى هاشم محمد بن على بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب، وإنّ أبا هاشم صار بأرض السراة ـ أى الشراة ـ بعد منصرفه من الشام، فأوصی إلى محمد بن على، فهو الأمام بعده، ثمّ أفضت الخلافة إلى بنى العباس بوصّیة بعضهم إلى بعض.»22
فإذن صاحب کتاب الحور العین یذهب إلى:
1) إنّ الفرقة الراوندیة فرقة مستقلة، وإنّها تدّعى بأنّ الإمامة محصورة فى بنى العباس، وذلک لاختصاصهم بالارث.
2) إنّ العباسیة متفرعة عن الهاشمیة، وذلک لانّها ادّعَت بأنّ الامامة قد انتقلت من أبى هاشم إلى محمد بن على.
ج) الراوندیة متفرعة عن الکیسانیة
تحت هذا العنوان یقول صاحب کتاب الفَرْق بین الفِرَق: «افترق الذین قالوا بإمامة محمد بن الحنفیة، فزعم قوم یقال لهم الکربیة أصحاب أبى کرب... أنّ محمد بن الحنفیة حىّ لم یمت... وذهب الباقون من الکیسانیة إلى الاقرار بموت محمد بن الحنفیة، فاختلفوا فى الامام بعده، فمنهم من زعم أنّ الإمامة بعده رجعت إلى ابن أخیه على بن الحسین زین العابدین، ومنهم من قال برجوعها بعده إلى أبى هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفیة، واختلف هؤلاء فى الامام بعد أبى هاشم، فمنهم من نقلها إلى محمد بن على بن عبدالله بن العباس بن عبدالمطلب، بوصیة أبى هاشم إلیه. وهذا قول الراوندیة.»23
و إلى هذا الرأى یذهب فخر الدین الرازى، یقول: «الکیسانیة، وهم الذین یقولون بأنّ الإمامة کانت حقّاً لمحمد بن الحنفیة، وهؤلاء الطائفة یفترقون فرقاً... الرابعة: الروندیة: أتباع أبى هریرة الروندى، وهم الذین یزعمون أنّ الإمامة کانت أوّلاً حقاً للعباس.»24
و ممّا تقدّم یتضح لنا أنّ هذه المصادر قد ذکرت بأنّ الاختلاف قد وقع فى وصیة أبى هاشم، وهذا الاختلاف ولّد الخلط فى إطلاق التسمیة علی الجماعة التى قالت بأنّ أبا هاشم أوصی إلى محمد بن على، فتارة یُطلق علیها العباسیة، وأخری یُطلق علیها الراوندیة.
و نلاحظ من خلال هذه المصادر، انّه یوجد هناک مبنیان، وهما:
1) أن الإمامة قد انتقلت من أبى هاشم إلى محمد بن على عن طریق الوصیة.
2) أن الإمامة هى من حق ولد العباس، و أن الإمامة والخلافة قد انتقلت إلیه من بعد وفاة الرسول (ص). وهذا یعنى أن هناک تدّرج فى المعتقد.
هذا ما ذکرته کتب المصادر عن الراوندیة والعباسیة، والآن فلننظرإلی ما یقوله المعاصرون فى هذا الصدد.
الراوندیة والعباسیة بحسب آراء المعاصرین
إختلفت کلمات المعاصرین فى حال هذه الفرقة، کما اختلفت کلمات الأقدمین، فتارة یجعلونها من غلاة العباسیین، وتارة متفرعة عن الهاشمیة، وأخری جزءً من الفرقة الهاشمیة ـ العباسیة، ورابعة بأنّ الراوندیة هى الأسم الآخر للعباسیة ولشیعة بنى العباس، وإلیک آراءهم فی هذا المجال:
1) أنّها من غلاة العباسیین:
یتضح من العنوان، أنّ الراوندیة متفرعة عن العباسیة، لکنهم غَلَوا فى القول فیهم، و لذا فإنّ العباسیین قد نبذوهم من بعد أن کانوا من أنصارهم. یقول الدکتور الفیومى: «وکذلک نبذ العباسیون خاصة أنصارهم، وهم الشیعة الغلاة (الراوندیة) الذین کانوا منتشرین فى فارس بنوع خاص.»25
وأما الدکتور صفرى، فإنّه یفرّق بین نوعین من الغلاة، غلاة منتسبین إلى أهل السنة، وغلاة منتسبین إلى الشیعة. وبعد هذه التفرقة یعدّ الراوندیة من الغلاة المنتسبة إلى أهل السنة، فلهذا یقول: «الغلاة المنتسبة إلى أهل السنة تعرف بأسم غلاة العباسیة (أو الراوندیة)، ورئیسهم عبدالله الراوندى.»26
و یقول أیضاً:
اُولى الفرق التى ظهرت فی الاسلام والتى تُنزّل الأفراد بمنزلة الإله، هى الفرقة التى لم ینسبها أصحاب الفرق إلى الشیعة، ولکن ظهرت فى وسط الفرق غیر الشیعیة، وهذه الفرقة فى باسم الراوندیة من أصحاب وأتباع عبدالله الراوندى.27
وقد لا نتفق مع هذین الرأیین، وذلک:
أولاً؛ إنّ غلاة العباسیین لا تساوى الراوندیة.
وثانیاً؛ إنّ هؤلاء قوم من الراوندیة لا أنّهم هم الراوندیة، وهم من أتباع عبدالله الراوندى المنتسب إلى فرقة الأبى مسلمیة المنشقة عن الراوندیة، کما سیأتى توضیح ذلک.
وإلى نفس المعنى المتقدم، یذهب الأمین، یقول:
الراوندیة جماعة من الغلاة القائلة بالتناسخ والحلول، نسبة إلى راوند،... ویقال إنّ رجل یُدعی الأبلق کان أبرص تکلم بالغلوّ ودعی إلى الراوندیة، واستحلوا الحرمات، فحاربهم أسد بن عبدالله القسرى فى آخر دولة الامویین، وقتل الأبلق. وقیل نسبة إلى عبدالله الراوندى، وقیل: نسبة إلى أبى هریرة الراوندى، قالوا: إنّ الروح التى کانت فى عیسی بن مریم (ع) حلّت فى الأئمة ثمّ فی أبى مسلم الخراسانى، صاحب دولة بنى العباس. وقد أثبتوا إمامة العباس بعد على (ع) وخصّوها بولد العباس من بعده، من بین بطون قریش، وهذه المقالة هى التی ظهرت فى أیام المنصور والمهدى، وسُمّوا بالعباسیة.28
وهذا الرأى کسابقه، لکن نضیف: إنّ ظهور الرجل الأبلق کان متأخراً، کما أنّ قتله وقتل جماعته کان فى أوائل الخلافة العباسیة لا فى أواخر الدولة الأٌمویة، کما نصّ علی ذلک الطبرى.29
2) أنّها جزء من الهاشمیة ـ العباسیة:
لا نعرف علی وجه الدّقة ماذا یقصد بهذه التسمیة، فإما ان تکون الراوندیة متفرعة عن الهاشمیة، وأما أن تکون متفرعة عن العباسیة، وأما أن نقوم بدمجهما معاً، و هو غیر مقبول. وصاحب هذا الرأی هو الدکتور فاروق عمر، حیث یقول:
فرقة الراوندیة جزء من فرقة الهاشمیة ــ العباسیة، وهم شیعة بنى العباس... وکان عبدالله الراوندى الذی تُنسب إلیه هذه الفرقة من دعاة العباسیین، وقد اعتبر الراوندیون العباسیین أحقّ من غیرهم بالخلافة، ودانوا بآراء متطرفة حول طبیعة الامام فوصفوه بالالوهیة أو بالنبوة، وقالوا بالتناسخ، أى: إنّ أرواح الأئمة تتناسخ فتحل من واحد فى آخر.30
ونلاحظ هنا، بأنّ الراوندیة لیست منتسبة إلى عبدالله الراوندى، وإنما هو منشق عن الراوندیة، کما قلنا سابقاً، کما أنّ الآراء التى طُرحت حول طبیعة الامام، فهى من أقوال الفرقة الأبى مسلمیة، التى ینتمى إلیها عبدالله الراوندى، کما سیأتى بیان ذلک.
3) الراوندیة متفرعة عن الهاشمیة:
وأصحاب هذا الرأی یذهبون إلى أنّ الراوندیة تفرّعَت عن الهاشمیة، نسبة الى أبى هاشم، ولکنها ادّعت الغلو فى ذلک. یقول الدکتور السامرائى:
الراوندیة: فرقة غالیة تفرعت عن الهاشمیة، وادّعت أنّ الإمامة بعد وفاة أبى هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفیة، قد انتقلت إلى محمد بن على... بوصیة أبى هاشم إلیه، وهذا قول الراوندیة،... وقد انتشرت الراوندیة فى الحجاز والشام وخراسان، وقد نشطت فى هذه المناطق.31
وبحسب الظاهر فإنّ نشاط هذه الفرقة کان منحصراً فى خراسان، وبالأخص بعد استلام محمد بن على زمام الامور، عملاً بوصیة أبى هاشم، حیث قال له: ولتکن دعوتکم فى خراسان. نعم یمکن أن یکون نشاطها قد اشتد بعد إستلام بنى العباس الخلافة.
وإلى الرأی المتقدم، ذهب الدکتور عارف تامر، حیث یقول:
الراوندیة: فرقة کیسانیة أبى هاشم زعمت أنّ أبا هاشم أوصی بالإمامة لمحمد بن على بن العباس فى دمشق، وهذه الفرقة ساهمت بإبعاد الحسینیین ومهّدت لقیام العباسیین وافسحت المجال لوصولهم إلى مرکز الخلافة.32
وهذان الرأیان، هما بمثابة الأدعاء الاوّل لبنى العباس، ودفعاً للتهمة عن انفسهم حیث لم یکونوا قد استلموا الخلافة بعد.
4) الراوندیة، الاسم الآخر للعباسیة:
أصحاب هذا الرأی یعتقدون بأنّ فرقة الراوندیة هى الاسم الآخر للفرقة العباسیة، ولا فرق بینها، حیث أنّه تارة یعبّر عنها بالراوندیة، وأخری یعبّر عنها بشیعة بنى العباس، وثالثة بالعباسیة. یقول عباس إقبال بهذا الصدد:
الراوندیة: هى الاسم الآخر لشیعة آل العباس أو العباسیة، وإنّ إرث الإمامة بعد الرسول (ص) من حق بنى العباس عمّ الرسول (ص).33 وفى موضع آخر یقول: «العباسیة أو شیعة آل العباس أو الراوندیة.»34
وإلى هذا المعنى یذهب الدکتور مشکور، یقول: «العباسیة أو شیعة آل العباس: هى فرقة تعتقد بأنّ الإمامة بعد النبى (ص) قد ورثها العباس بن عبدالمطلب، ثم یقول: ارجع إلى الراوندیة.»35
وعندما نرجع إلى الراوندیة فإنّه یقول: «الراوندیة: تقول إنّ الرسول (ص) نص بالإمامة علی عمّه العباس بن عبدالمطلب.»36
وقد نجده أکثر إفصاحاً عندما نراجع تعلیقاته علی کتاب المقالات والفرق، فإنّه یقول:
الروندیة أو الراوندیة: هم شیعة ولد العباس بن عبدالمطلب من أهل خراسان وغیرهم، قالوا: إنّ رسول الله (ص) قُبض وإنّ أحقّ الناس بالإمامة بعده العباس بن عبدالمطلب، لأنّه عمه ووارثه وعصبته، لقول الله عزوجل ﴿وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض﴾. وإنّ الناس قد اغتصبوه حقَّه وظلموه أمره، إلى أن رده الله إلیهم، وتبرّؤوا من أبى بکر وعمر، وأجازوا بیعة على بن أبی طالب، وذلک لقوله: یا ابن أخى هلمّ إلَّى أن أبایعک فلا یختلف علیک إثنان، ولقول داود بن على علی منبر الکوفة یوم بویع العباس...37
ومن هذا یتضح بأنّ الدکتور مشکور یذهب إلى أنّ الراوندیة والعباسیة فرقة واحدة، نعم قد حصلت هناک إنشقاقات، لکن هذا لا یعنى بأن نجعل الراوندیة فرقةً والعباسیة فرقةً أخری.
تحلیل و مقارنة
کنا قد عرضنا ما قاله الأقدمون حول هذه الفرقة، وکذلک ما قاله المتأخرون، وقد رأینا أنّ هناک اختلافات حول هذه الفرقة، والآن نرید أن نتبیّن حقیقة الموقف، فنقول:
مما عرضناه سابقاً، نلاحظ بأنّ الراوندیة قد مرّت بمراحل ثلاث ـ من حیث المعتقد ـ بنفس المراحل التی مر بها بنو العباس فى دعوتهم، وهذه المراحل هی:
1) المرحلة الاولى؛ وتمتد من وصیة أبى هاشم إلى خلافة أبى العباس:
فی هذه المرحلة نلاحظ بأنّ اعتقاد الراوندیة کان ینصبّ علی کون أبى هاشم قد أوصی إلى محمد بن على بن عبدالله بن العباس، ونجد هذا المعنى واضحاً عندما اختصم أصحاب عبدالله بن معاویة مع أصحاب محمد بن على، عند أبى ریاح، فحکم أبو ریاح بأنّ أبا هاشم قد أوصی إلى محمد بن على، ونتیجةً لهذه الشهادة قویت الراوندیة، وقد مر ذکر ذلک. کما أن البغدادى قد ذکر، أنّ أبا هاشم قد أوصی إلى محمد بن على، وأنّ محمداً أوصی إلى إبراهیم ، وأوصی إبراهیم إلى أبى العباس، وأوصی أبو العباس إلى أبى جعفر المنصور، عن طریق وصیة بعضهم إلى بعض.38
ومن بعد شهادة أبى ریاح، ومن بعد إثبات بأنّ أبا هاشم قد أوصی إلى محمد بن على، لا نجد حصول اختلافات ما بین صفوف أصحاب الدعوة العباسیة أو ما بین الراوندیة، أبان دعوتهم السرّیة. وأمّا دعوة خدّاش فإنها خارجة عن هذا الاطار، وقد انتهت فی حینها.
2) المرحلة الثانیة؛ وتمتد من أبى العباس إلى قتل أبى مسلم:
فى هذه المرحلة نلاحظ حدوث تطور فى الاعتقاد، حیث نجد بأنّ الراوندیة فى هذه المرحلة، التى تمثّل مرحلة النشوة والانتصار، نتیجةً لاستلامهم الخلافة، قد اعتقدوا بأنّ الإمامة بعد الرسول (ص) هى من حق العباس بن عبدالمطلب، لأنه وارثه، وأجازوا بیعة الامام على (ع) لإجازة العباس له. ویوضّح المسعودى هذا المعنى لنا، قائلاً:
الراوندیة: هم شیعة بنى العباس بن عبدالمطلب، من أهل خراسان وغیرهم، وتقول: إنّ رسول الله (ص) قُبض وأنّ أحقّ الناس بالإمامة بعده العباس بن عبدالمطلب، لأنه عمّه ووارثه وعصبته، لقول الله تعالى ﴿وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض فى کتاب الله﴾ وإن الناس اغتصبوه حقه وظلموه أمره إلى أن ردّه الله إلیهم، وتبرّؤوا من أبى بکر وعمر، وأجازوا بیعة على بن أبی طالب (ع) بإجازته لها.39
3) المرحلة الثالثة؛ وتشمل خلافة المنصور وقتل أبى مسلم والمهدى:
ویمکن أن نطلق علی هذه المرحلة اسم مرحلة التصدع والانشقاق والافصاح عن المعتقد، فى الدولة العباسیة. وذلک لما حصل من إعلان الانفصال من جانب عبدالله بن علی واعتراضه علی تولیة المنصور الخلافة، ومن ثم تصفیته بعد ذلک. ولما حصل من قتل أبى مسلم علی ید المنصور، وهذا القتل سبّب حصول الانشقاق فى صفوف الراوندیة، حیث ظهرت الفرقة الرزامیة والفرقة الأبى مسلمیة والفرقة الهریریة ـ کما سیأتى بیان ذلک ـ..
وإلى جانب هذا، نجد حصول تطور فى المعتقد، والافصاح الکامل عن المسیرة الاعتقادیة لبنى العباس. فبینما کان الاعتقاد فى المرحلة السابقة بأنّ الإمامة قد انتقلت إلى العباس عمّ الرسول (ص) مع إجازة بیعة الامام على (ع) لإجازة العباس لها، نجد هنا تحولاً آخر قد حصل، وهذا التطور یشمل کون الامام على (ع) غاصباً للخلافة. والسؤال المطروح هنا: هل أنّ هذا التغییر فى الاعتقاد حصل فى زمن المنصور أم فى زمن المهدى؟
هناک اختلاف، فعلم الهدی الرازى یذهب إلى أنّ ذلک کان فى زمن المنصور، حیث یقول:
... وأبو جعفر المنصور ألزم هؤلاء ـ أى ألزم الهریریة والراوندیة ـ بأن یقولوا: بأنّ الإمامة بالارث، وأنها بعد الرسول للعباس عمه، وکل من نصب نفسه إماماً بعد الرسول (ص) فإنّه ضال...40
إلا انّ القمى یری بأنّ ذلک کان فى زمن المهدى، یقول:
فلما مضی ـ أى المنصورـ أوصی إلى إبنه المهدى محمد بن أبى جعفر، واستخلفه بعده، فردّهم المهدى عن إثبات الإمامة لمحمد بن الحنفیة وابنه أبى هاشم، وأثبت الإمامة بعد رسول الله (ص) للعباس بن عبدالمطلب، ودعاهم إلیها وأخذ بیعتهم علیها، وقال: کان العباس عمه ووارثه أولى الناس به، وأن أبا بکر وعمر وعثمان وعلى وکل من دخل فى الخلافة وادّعی الإمامة بعد رسول الله مغاصبین، متوثبین، ومغلبین بغیر حق، وکفّروا جمیعهم سراً وکرهوا کشف ذلک وإعلانه.41
لکن وبحسب الظاهر، فإنّ هذا التغییر قد حصل فى زمن المنصور وتطور فى زمن المهدى.
الخلاصة
والخلاصة التى نستخلصها مما سبق هى: إنّ فرقة الراوندیة هى الاسم الآخر لشیعة بنى العباس أو العباسیة، إلاّ أنها مرت بمراحل تطوریة ثلاث، تبعاً للظروف التى مرت بها الدعوة العباسیة، ففى البدء کانت تعتقد بأنّ الامام بعد أبى هاشم هو محمد بن على للوصیة التى أوصی بها أبو هاشم، کما أنها کانت تعتقد بأن محمد بن الحنفیة کان إماماً بعد أخیه الحسین (ع). وبعد أن نجحت الثورة واستلم أبو العباس زمام الامور، وأصبح هو الخلیفة، تغیّر الاعتقاد، وأصبحت تقول: بأن الإمامة من حق العباس وولده، لکونه عم الرسول (ص) فهو وارثه. واعتبرت کلَّ من نال منصب الخلافة والإمامة بعد الرسول (ص) غاصباً وضالاًّ، ما عدا الامام على (ع) فإنهم رضوا ببیعته لإجازة العباس له، ولولا هذه الاجازة لکان حاله کحال السابقین.
ولم یقف الامر عند هذا الحد، فما إن استلم أبو جعفر المنصور الخلافة من بعد أخیه بوصیة منه، حتّی جاءت الفرقة الراوندیة (العباسیة) لتعلن عن کامل معتقدها فى الخلافة، حیث أعلنت بأنّ الخلافة من بعد الرسول (ص) من حق العباس وولده، وأن کل الذین نالوا منصبه فهم کفرة وضُلّال بما فى ذلک الامام على (ع).
کما أنه فى هذه المرحلة شهدت الفرقة الراوندیة إنقسامات فى صفوفها، لتطور الظروف والاوضاع، وکان من أهمها مقتل أبى مسلم الخراسانى علی ید المنصور، حیث ظهرت فرقة الرزامیة وفرقة الأبى مسلمیة. فادّعت الاولى أنّ أبا مسلم قد قُتل، بینما ادّعت الثانیة بأن أبا مسلم حىّ ولم یمت، وهم فى انتظاره.
ومن هنا نلاحظ بأن هذه المراحل الثلاث التى مرت بها الفرقة الراوندیة، تنسجم تمام الانسجام مع المراحل التى مر بها بنو العباس، مما یعنى: بأنّ الفرقة الراوندیة هى نفسها العباسیة أو شیعة بنى العباس.
عقائد الراوندیة
إلى هنا ثبت لنا بأن الفرقة الراوندیة هى الاسم الآخر للفرقة العباسیة ولشیعة بنى العباس، وأن الفارق بینهما هو من حیث الاسم فقط، کما أن التعدد فى الاسم، کان لأجل أمور سیاسیة، وذلک لکى لا تنکشف حقائق بنى العباس، فإذا کان کذلک فالآن نرید أن نعرف عقائد هذه الفرقة، لأن لکل فرقة جملة من العقائد تتخذها منهجاً تسیر علیه مع أنصارها وأتباعها.
وقد یکون من الصعب علینا تحدید کافة عقائد هذه الفرقة، وذلک لعدم ذکرها کاملة فى کتب المصادر التى تحت أیدینا، وإنما حاولنا قدر الامکان إبراز أهم عقائدها التى کانت موضع الخلاف فیما بینها وبین خصومها فى ذلک الوقت. وفیما یلى أهم عقائد هذه الفرقة:
1) إنّ الإمامة منحصرة بالارث
وذلک علی اعتبار أنّ الاختیار من قبل الأمّة لإمامها باطل وخطأ. فلهذا یقول العلامة الحلى: «وقالت العباسیة: طریق الإمامة الارث.»42 ویقول القمى: «وذکروا: بأنّ الإختیار من الاُمة للأمام باطل وخطأ.»43 وقد استدلوا بالادلّة التالیة:
1) لأنّ العباس عصبته وبالتالى فهو وارثه، فإذا جازت وراثة المال، فإنه تجوز وراثة المرتبة والمکانة، لکونه الأقرب منه نسباً والأقرب منه رحماً، وعلی هذا، فإنّ الخلافة لا تجوز إلا فى ولد العباس بن عبدالمطلب. فلهذا یقول ابن الاندلسى: «وقالت طائفة لا تجوز الخلافة إلا فى ولد العباس بن عبدالمطلب، وهو قول الراوندیة، وحجتهم فى ذلک:... کان العباس عصب رسول الله (ص) ووارثه، فإذا کان ذلک کذلک فقد ورث مکانه...».44
ویقول الحمیرى: «وقالت الراوندیة: إن أولى الناس بالإمامة بعد رسول الله (ص) عمه العباس بن عبدالمطلب، لأنه أقرب إلى رسول الله (ص) نسباً وأمسهم بهم رحماً، وأولاهم بمیراثه فى مقامه، واحتجوا بقوله تعالى ﴿وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض فى کتاب الله...﴾».45
ویقول المسعودى: «وقالت الراوندیة: إن رسول الله (ص) قُبض وأن أحقّ الناس بالإمامة بعده العباس بن عبدالمطلب، لأنّه عمه ووارثه وعصبته، لقول الله عز وجل ﴿وأولوا الارحام بعضهم أولى ببعض فى کتاب الله﴾».46
ویقول عباس إقبال: «... الإمامة هى بالإرث من بعد رسول الله (ص) وهى من حق العباس عمّ الرسول (ص) وولده...».47
2) الدلیل الثانى:
وهذا الدلیل ینص علی أنه: بما أنّ الرسول (ص) لم یکن له أولاد ذکور وإنما کان له بنت وهى فاطمة الزهراء (ع) فلأجل أن یحصروا الخلافة فى بنى العباس، قالوا: بأنه لاتوجد إمامة فى النساء لاجماع المسلمین، کما أنه مع وجود العم لا تصل نوبة الارث لبنى العم ولبنى البنت، ومن هنا أبعدوا أىّ مجال للارث یمکن أن یستدل به ـ بحسب نظرهم طبعاً ـ علی مشارکة فاطمة الزهراء (ع) وولدها مع العباس فى الارث. فلهذا یقول الحمیرى:
قالوا ـ أى الراوندیة ـ: ولا إمامة فى النساء بالاجماع، فیکون لفاطمة إرث فى الإمامة، ولا ولد لرسول الله (ص) من الرجال لقول الله تعالى ﴿ما کان محمد أبا أحد من رجالکم﴾ ولا یرث بنو العم وبنو البنت مع العم شیئاً، فیکون لعلىّ ولولد فاطمة إرث مع العباس فى الإمامة، فصار العباس وبنوه أولى بها من جمیع الناس بهذه الوجوه.48
لکنهم وإضافة إلى ما تقدم من أنّ الإمامة تکون بالارث، أضافوا شروطاً أخری تتعلق بالإمام، وهذه الشروط هى:
1) إنّ الإمامة لا تجوز إلاّ بعقد وعهد من الماضى إلى من یرتضیه ویستخلفه بعده.49
2) إنّ الطاعة تکون للإمام إذا کان حیّاً، ولکن إذا مات فإنّ الأمر یکون من أمر القائم ما دام حیّاً.50
3) إذا عیّن الخلیفة قبل موته شخصاً بعده، ولکن هذا الشخص تنازل عن حقه، إما عن طریق البیع أو عن طریق الرضا، فإنّ هذا الأمر جائز، وتکون الطاعة حینئذ للشخص الجدید.51
2) ومن عقائدهم
البراءة من أبى بکر وعمر (رض)، لکنهم أجازوا بیعة الامام على بن ابى طالب (ع) ـ فى بادئ أمرهم ـ لإجازة العباس لها.52 وفى مرحلة لاحقة، وبالتحدید فى زمان المنصور والمهدى، تبرّؤوا من أبى بکر وعمر وعثمان والامام على (ع)، وکلٌ من استلم هذا المنصب.
فلهذا یقول القمى:
وقال ـ أﻯ: المهدى ـ کان العباس عمه ووارثه وأولى الناس به، وأنّ أبا بکر وعمر وعثمان وعلى وکلٌ من دخل فى الخلافة وادّعی الإمامة بعد رسول الله (ص) مغاصبین، متوثبین، ومغلّبین...53
ویقول علم الهدی:
وهریریة وراوندیة من هؤلاء ـ أى: من الفرقة الثالثة ـ یقولون: إن الإمامة بعد الرسول (ص) هى للعباس... وإن المنصور ألزم هؤلاء بأن یقولوا: بأن الإمامة هى بالارث، وأنها بعد الرسول (ص) لعمه العباس، وکل شخص أصبح بعد الرسول (ص) إماماً فإنه کان ضالاً وغاصباً.54
هذه هى أهم عقائد هذه الفرقة التى قد إستقیناها من المصادر، وأما دعوی التناسخ والحلول والقول بالغلو، فإنّ هذا یدعونا الی أن نبیّن الفرق التى تفرقت عن الراوندیة، ونحاول تبیان حالها، لنری بعد ذلک هل أن هذه الدعوی ـ أى: دعوی التناسخ والحلول والغلوـ تقول بها هذه الفرقة؟ وثانیاً ما هو الغرض من هذه الدعوی؟
لکن وقبل الإجابة عن هذین السؤالین، نحاول طرح قضیة عبدالله الراوندى، ومدی صحّة نسبة فرقة الراوندیة إلیه.
بین ابن الراوندى وعبدالله الراوندى
بعد أن اتضح المعتقد الذی تعتقد به الراوندیة، یُطرح السؤال التالى: إنه کثیراً ما نلاحظ المصنّفین والکتّاب یذکرون أنّ الراوندیة سُمّیت بهذا الاسم نسبة إلى عبدالله الراوندى أو ابن الراوندى، فهل أن هذه النسبة صحیحة؟
فى البدء نقول: قد تقدم منا أن کل فرقة لابد أن تکون نشأتها إما عن طریق مبدأ سیاسى أو مبد اعتقادى، کما أنه لا توجد عندنا فرقة واحدة قد سَلمَت من الانقسامات، بل: نجد أن هناک فرقاً عدیدة ترجع بالأصل إلى فرقة واحدة. کما هو الحال فى الفرقة الشیعیة فهناک الإمامیة والإسماعیلیة والزیدیة وغیرها، وکذلک الخوارج فهناک الأزارقة والإباضیة و... ، وکذلک الحال فى فرق المعتزلة والصوفیة، وکذلک الحال فى أهل السنة، فهناک الحنفیة والمالکیة والحنبلیة والشافعیة. کذلک الحال فى الفرقة الراوندیة، فإنها لیست بدعاً من الفرق، فکما حصلت هناک انقسامات حصلت هنا انقسامات، وهذه الأنقسامات من الطبیعى أن یکون لها دعاة وأصحاب. وعلی ضوء هذا، ظهرت فرق عدیدة ترجع إلى الراوندیة. وسُمّیت باسم رؤسائها، کالرزامیة والأبومسلمیة، والإبراهمیة، والجارودیة... الخ. فإذا کان الأمر کذلک، فهل إنّ نسبة الراوندیة ترجع إلی عبدالله الراوندی؟
فى البدء نقول:
قد اتضح مما سبق، بأنّ الراوندیة سُمّیت بهذا الاسم نسبة إلى مدینة راوند الواقعة قرب إصفهان أو قاشان أو أنها من ضواحى نیسابور. کما أنه یوجد هناک خلط ما بین عبدالله الراوندى وابن الراوندى، فأما بالنسبة إلى ابن الراوندى، فإنّ عباس إقبال یقول عنه:
ابن الراوندى (المتوفّی سنة 245ه أو 298ه( هو أبوالحسن أحمد بن یحیى بن محمد بن اسحاق المشهور بابن الراوندی أو ابن الروندی، وهو من مدینة مرو الروذ من إحدی مدن خراسان، وهو من المتکلمین المعروفین. لکن لا توجد عنده عقیدة قویة، ولأجل هذا فإنه قد غیّر مسلکه عدة مرات، کما أنه کان متزلزل الإیمان، وقد أظهر الإلحاد والزندقة، ولأجل هذا لا یمکن أن نعد کلامه علی نحو یکون مبنى لفرقة معینة.55
ویقول الدکتور تامر عنه:
هو من أهل مرو، سکن بغداد، وکان من متکلّمى المعتزلة ثم فارقهم وردَّ علیهم.56
ویقول عنه ابن الجوزى:
کان ابن الراوندی ملازم الرافضة وأهل الالحاد... من تأمّل حال ابن الراوندی وجده من کبار الملحدة، وضع کتاباً أسماه الدامغ، زعم فیه أنه یدمغ فیه هذه الشریعة، فسبحان من دمغه فاُخذ وهو فى سن الشباب، وکان یعترض علی القرآن ویدّعى علیه التناقض وعدم الفصاحة.57
فإذا کانت وفاة ابن الراوندى فى سنة 245ه أو فى سنة 298 ه، فکیف یمکن أن تُنسب إلیه الفرقة التى ظهرت فى بدایة القرن الثانى الهجرى؟ وإذا کان ابن الراوندی من متکّلمى المعتزلة، ومن المعروف أن مذهب المعتزلة قد ظهر علی الساحة الإسلامیة کمذهب سیاسى فى بدایة القرن الثالث الهجرى، لا فى بدایة القرن الثانى الهجرى، وفى عهد الخلیفة المأمون، لا فى عهد الخلیفة المنصور. فإذن نسبة الراوندیة إلى ابن الراوندی غیر صحیحة. فلهذا یقول الدکتور مشکور:
إن الراوندیة لا تُنسب بأىّ وجه إلى ابن الراوندی المتکلم المشهور.58
ویقول عباس إقبال:
ولا بدّ أن یُعلم بأن هذه الفرقة لا تنسب بأىّ وجه إلى ابن الراوندی المشهور.59
فإذا اتضح استبعاد ابن الراوندى من هذه الفرقة، فإنه یکون المقصود من الفاظ «ابن الراوندى أو الراوندى» الواردة فى المصادر هو عبدالله الراوندى، ولا یشمل ابن الراوندى المتکلم المشهور. فاذن: نبقی نحن وعبدالله الراوندى.
وبحسب الظاهر فإن هذا الرجل قد غالى فى بنى العباس، لأغراض سیاسیة ـ کما سیتضح ـ وهو الذی تُنسب إلیه الفرقة الأبو مسلمیة. ولأجل هذا، نری من الأهمّیة بیان فرق الراوندیة.
تفرّق الراوندیة
حصلت هناک انقسامات فى الفرقة الراوندیة، ولعلّه کان من دواعی هذا الانقسام هو قتل أبى مسلم الخراسانى، ولنحاول بیان أهم هذه الفرق:
1) الفرقة الرزامیة
تنتسب هذه الفرقة إلى رجل یقال له «رزام». وقطعت هذه الفرقة بموت أبى مسلم الخراسانى، یقول الشهرستانى عنها:
وهى من أصحاب رجل یقال له «رزام» وقالت هذه الفرقة بأنّ الإمامة قد انتقلت من على ـ أى من الامام على (ع) ـ إلى ابنه محمد، ثم إلى ابنه أبی هاشم، ثم منه إلى علی بن عبدالله بن عباس بالوصیة، ثم ساقوها إلى محمد بن علی، وأوصی محمد إلى ابنه إبراهیم الإمام، وهو صاحب أبى مسلم الذی دعا إلیه وقال بإمامته، وهؤلاء قد ظهروا فى خراسان فى أیام أبى مسلم، حتى قیل: إن أبا مسلم علی هذا المذهب، لأنهم ساقوا الإمامة إلى أبى مسلم، فقالوا له حظ فی الإمامة، وادّعوا حلول روح الإله فیه، ولهذا أیده علی بنی اُمیّة، حتى قتلهم عن بکرة أبیهم واصطلمهم، وقالوا بتناسخ الأرواح.60
ویقول الاسفرایینى عنها:
أما الرزامیة فإنهم أفرطوا فى موالاة أبى مسلم صاحب الدولة العباسیة، وقالوا: إن الإمامة انتقلت من أبى هاشم عبدالله بن محمد بن الحنفیة إلى محمد بن على بن عبدالله بن عباس بوصیة أبی هاشم، ثم انتقلت إلى ابنه إبراهیم، ثم من إبراهیم إلى عبدالله الذى کان یُدعی أبا العباس السفاح، ومنه إلى أبى مسلم، وهؤلاء یعترفون بموت أبى مسلم.61
ویقول البغدادى عنها:
الرزامیة: هى أصحاب رجل یقال له رزام، وادّعت أن أبا مسلم قُتل، وأنّ الإمامة انتقلت من أبى العباس السفاح إلى أبی مسلم، وهؤلاء من أهل خراسان من مدینة مرو.62
والذى یتحصّل من الکلام حول هذه الفرقة هو: أنها ادّعت بأن الإمامة قد انتقلت من أبى هاشم إلى محمد بن على، کما أنها اعترفت بإمامة الامام على (ع)، ولکنها تسوق الإمامة إلى ابنه محمد بن الحنفیة، ولیس للامام الحسن (ع)، کما أنها لا تحصر الخلافة فى ولد العباس، بل أنها ادّعت بأن الخلافة قد انتقلت من أبى العباس إلى أبى مسلم الخراسانى، وهذا ما لا یرتضیه العباسیون، والشىء الآخر الذى تعتقد به هو: القول بالحلول والتناسخ، حیث ادّعت بأنّ روح الإله قد حلّت بأبى مسلم. وبحسب الظاهر فإنّ دعوی الحلول والتناسخ من مختصات الفرقة الأبى مسلمیة، وذلک أن الفرقة الرزامیة اعتقدت بموت أبى مسلم، فإذا کان ذلک، فکیف یدّعون بأن روح الإله قد حلّت فیه؟
2) الأبومسلمیة
هذه الفرقة هى الفرقة الثانیة المنشعبة عن الراوندیة، واعتقدت هذه الفرقة بنفس الاعتقاد الذى اعتقدت به الفرقة الرزامیة، إلاّ أنهم أفرطوا فى أبى مسلم، حیث قد قالوا بأنه حى لم یمت. وهذه الفرقة هى التى ینتمى إلیها عبدالله الراوندى. یقول علم الهدی الرازی:
ابو مسلمیة، لیس من الفرق الشیعیة، وکذلک لیس من فرق السنة، وذلک أن أبا مسلم یعتقد بأن الإمامة تأتى عن طریق الإرث ولیس بالنص کما تقول الشیعة، ولیس بالاختیار کما یقول أهل السنة، ثم یقول: والراوندی من هذا المذهب التابع لأبى مسلم.63
و یقول أیضاً:
وجماعة من هؤلاء ـ أى: من الهریریة والراوندیة ـ یقولون: بأن المنصور إله، وإنّ أبا مسلم رسول المنصور... وهذه الجماعة هى الراوندیة أصحاب الراوندى.64
ویقول البغدادى: «وهؤلاء ـ أى الفرقة الأبومسلمیة ـ قد أفرطوا فى أبى مسلم غایة الافراط، حیث قالت: إن أبا مسلم حى لم یمت، وإنّ روح الإله قد حلّت فى أبى مسلم، وإنّ أبا مسلم خیر من جبرائیل وسائر الملائکة.65
وبما أنه قد اتضح فیما سبق الفرق بین ابن الراوندى وعبدالله الراوندى، فیکون المقصود من الراوندى المذکور هنا هو عبدالله الراوندى لا غیر، وعلیه فیکون عبدالله الراوندى من أتباع الفرقة الأبى مسلمیة. یقول النوبختى: «وفرقة قالت: الإمام عالم بکل شىء وهو الله عزوجل، ویُحیی ویمیت، وأبو مسلم نبى مرسل یعلم الغیب أرسله أبو جعفر المنصور، وهم من الروندیة أصحاب عبدالله الروندی، وشهدوا أن المنصور هو الله عزوجل، فإنّه یعلم سرّهم ونجواهم، وأعلنوا بذلک ودعوا إلیه.»66
ویقول القمّى عنهم:
المسلمیة، وهم أصحاب أبى مسلم عبد الرحمن بن مسلم، قالوا بإمامته بعد قتله وزعموا أنه حىّ وأنه لم یمت ولم یُقتل، ودانوا بالإباحات وترک جمیع الفرائض، وجعلوا الایمان المعرفة لإمامهم فقط، وإلى أصلهم رجعت جمیع فرق الخرمیة وجلُّ مذاهبهم مذاهب المجوس.67
ویقول الحمیرى عنها: «فرقة یقال لها المسلمیة، زعمت أن أبا مسلم الخراسانى حى لم یمت.»68 وفى کتاب جامع الفرق والمذاهب الإسلامیة، یذکر عنها: «وهم ـ أى: الأبومسلمیة ـ من الفرق الحلولیة، قوم ظهروا بمرو فى خراسان، قالوا بإمامة أبى مسلم.»69
ویقول عباس إقبال عنها:
ابو مسلمیة: هم من الشیعة الراوندیة، ویعتقدون بإمامة أبى مسلم الخراسانى وبقاءه حیاً، وهذه الفرقة ترکت جمیع الفرائض، وکل شیء حلال، والإیمان عندهم هو معرفة الإمام فقط.70
ویقول الدکتور مشکور:
ابومسلمیة أو مسلمیة، هى من الفرق الراوندیة التى تعتقد بإمامة أبو مسلم الخراسانى وبغیبته، وهى من الفرق الإباحیة، والإیمان عندهم هو معرفة الإمام فقط.71
فالمتحصّل من هذه الفرقة هو: إنها تعتقد بأنّ الإمامة قد انتقلت من أبى هاشم إلى محمد بن على، وکذلک أنها أعتقدت بأنّ الإمامة قد انتقلت من أبى العباس إلى أبى مسلم، إلاّ أنّها لم تعتقد بموت أبى مسلم، وإنما اعتقدت ببقاءه حیاً، وقد ارتقت عن هذا الأمر وادّعت بالحلول، أى بحلول روح الإله فى أبى مسلم الخراسانى، لا فى أبى جعفر المنصور، وکذلک اعتقدت بالقول بأن الإیمان هو معرفة الإمام فقط، ومن لم یعرف إمامه فهو عدیم الایمان، فهى بهذه الاُمور تفترق عن الرزامیة فى عدة نقاط:
1) الأدّعاء بأن أبا مسلم ما زال حیّاً؛
2) الأدّعاء بالحلول والتناسخ؛
3) الإیمان هو معرفة الإمام فقط.
الهریریة
وهى من الفرقة الراوندیة ومن أصحاب أبى هریرة الراوندى، وهذه الفرقة تعتقد بأن الإمامة من حق العباس وولده، وأنها بالإرث، حیث انتقلت من الرسول (ص) إلى عمه العباس، کما أنها تعتقد بعظمة وولایة أبى مسلم الخراسانى، وقد اُطلق علیها ـ ایضاً ـ العباسیة الخلّص.
یقول فخر الدین الرازى عنها:
الروندیة: أتباع أبى هریرة الروندی، وهم یزعمون أن الإمامة کانت أوّلاً حقّاً للعباس.72
ویقول القمى:
وفرقة منهم یقال لهم الهریریة أصحاب أبى هریرة الراوندی، وهم العباسیة الخلص، الذین أثبتوا الإمامة بعد رسول الله (ص) للعباس بن عبدالمطلب، وثبتت علی ولایة أسلافها الاول سرّاً وکرهت أن تشهد علی أسلافها بالکفر وهم مع ذلک یتولّون أبا مسلم ویعظّمونه وهم الذین غَلَوا فى القول فى العباس وولده.73
ویقول عباس إقبال:
الهریریة: من الروندیة، القائلین بإمامة العباس بن عبدالمطلب عمّ الرسول (ص) عن طریق الإرث، ویعتقدون بولایة وعظمة ومقام أبى مسلم الخراسانى، وقد غَلوا فى حق العباس وأولاده، هذه الفرقة تُسَمّی ـ أیضاً ـ بالعباسیة الخلّص، وهم من أصحاب أبی هریرة الراوندی.74
ویقول الدکتور مشکور:
الهریریة: من الفرقة الراوندیة، القائلین بإمامة العباس بن عبدالمطلب، عمّ الرسول (ص)، وقد غَلوا فى حق أبى مسلم، ویُطلق علی هؤلاء العباسیة الخلّص وهم من أتباع أبى هریرة الراوندی.75
فالمتحصّل من هذه الفرقة هو:
أنها تعتقد بأنّ الإمامة قد انتقلت عن طریق الإرث للعباس عمّ الرسول (ص) من بعد وفاة الرسول (ص) فهى من حق العباس وولده، کما أنهم قالوا بتعظیم مقام أبى مسلم الخراسانى. ونحتمل أن یکون المراد من الغلو هنا، هو: إختصاص الإمامة والخلافة فی بنى العباس لا غیر.
إلاّ أنّه قد أرجع بعض الباحثین هذه الفرقة إلى الفرقة الرزامیّة، قائلاً:
إنّ الرزامیة والأباهریریة فرقة واحدة، وإن اختلفت بینهما التسمیة، ونسبا إلى شخص مجهول لا یعرف إلاّ باسمه.76
وقد لا نتفق مع هذا الرأی، وذلک:
1) إن هناک فرقاً ما بین مُدّعی الرزامیة ومُدّعی الهریریة، حیث أنّ الرزامیة ادّعت بأنّ الإمامة قد انتقلت من الإمام على (ع) إلى إبنه محمد بن الحنفیة، ومن ثم منه إلى ابنه أبى هاشم، ومن ثم إلى محمد بن على، ومنه إلى ابنه إبراهیم، ومنه إلى أبى العباس، ومنه إلى أبى مسلم الخراسانى، بینما الهریریة لا تدّعى ذلک، وإنما تدّعى بأنّ الإمامة من بعد الرسول (ص) قد انتقلت للعباس عمّ الرسول (ص) ومن بعد ذلک ساقتها فی بنى العباس، ولم تعتقد بإمامة أبى مسلم، وإنما اعتقدت بعظمة مقامه، وتعظیم المقام یختلف عن القول بالإمامة.
2) إنّ الهریریة تعتقد بأنّ الإمامة بالإرث، وإنها من حق العباس وولده، بینما لا نجد هذا فى الفرقة الرزامیة.
ومن هذا یظهر بأن هناک اختلافاً کبیراً فی المعتقد، فیما بین هاتین الفرقتین. فالذى یحدسه الذهن؛ انّ الهریریة هى الراوندیة نفسها، حیث أنّ کلتا الفرقتین تعتقدان بأن الإمامة قد انتقلت من بعد الرسول (ص) للعباس عمه، وهذا الانتقال تمّ عن طریق الإرث، وعلی هذا الأساس، فإن الإمامة هى من حق العباس وولده ولا یشارکهم غیرهم فیها. یقول علم الهدی الرازى:
والهریریة والراوندیة یقولون: بأنّ الإمامة من بعد الرسول (ص) هى للعباس.77
فنلاحظ هنا بأن الرازى لم یفرّق بین الفرقتین وإنما دمجهما. فإذن: من هذا یظهر بأن الهریریة هى الراوندیة نفسها، کما هو واضح.
الخلاصة
والخلاصة التى نستخلصها مما تقدم هى:
إنّ الراوندیة لا تقول بالتناسخ والحلول، وإنما هذا الاعتقاد هو من اعتقاد بعض فرقها وهى الأبو مسلمیة، وأما دعوی الغلو فإنها منحصرة فى أحقیّة بنى العباس بالخلافة والإمامة عن طریق الارث، وإنهما ـ أى الخلافة والإمامة ـ لا تشملان غیرهم، وکل من ادّعی الإمامة لنفسه فهو ضال وغاصب. کما أنّ عبدالله الراوندی هو من أتباع الفرقة الأبى مسلمیة ورئیسها، فدعوی انتساب الراوندیة إلیه لا تقوم علی أساس صحیح.
وفى خاتمة هذا البحث یبقی سؤال مُلحّ وهو: إذا کانت الفرقة الراوندیة بهذا الوضوح من حیث معتقدها، بحیث أنها لا تدّعى التناسخ والحلول والغلو، فمن الذى خرج علی المنصور؟
للإجابة علی هذا السؤال ومن أجل معرفة الجماعة التى خرجت علی المنصور، ینبغی لنا الرجوع إلى المصادر التاریخیة التى ذکرت خروج هذه الجماعة، وذلک بغیة التعرف علی معتقدات هذه الجماعة، ومن ثم مقارنة هذه المعتقدات مع معتقدات الراوندیة وفرقها، لکى تستبین لنا حقیقة الأمر. ومن ثم نناقش الشعارات التى رُفعت فى أثناء الثورة علی المنصور، محاولین بذلک استجلاء حقیقة وخلفیة هذه الشعارات.
الراوندیة بحسب المصادر التاریخیة
تحدثت المصادر التاریخیة عن خروج جماعة علی الخلیفة العباسى أبى جعفر المنصور، مطلقة علیها اسم «الراوندیة» وکان خروجها فى سنة: 141ه78، وقیل فى سنة: 140ه79، وقیل فى سنة: 142ه80. وقد تجمعت هذه الجماعة فى مدینة الهاشمیة، التى کان یسکنها المنصور، وقد کان موقعها قریباً من مدینة الکوفة وبحیال مدینة ابن هبیرة.81
وقد وصفت المصادر التاریخیة هذه الجماعة بما یلى:
1) ما ذکره الطبرى: وهم ـ أى الراوندیة ـ قوم من أهل خراسان علی رأى أبى مسلم، صاحب دعوة بنی هاشم، یقولون: بتناسخ الأرواح.82
2) ما ذکره المسعودى: ... حتى کان یوم الهاشمیة، وقد سعت فیه عدة من أهل خراسان.83
3) ما ذکره ابن الأثیر: وهم ـ أى الراوندیة ـ قوم من أهل خراسان علی رأى أبى مسلم صاحب الدعوة، یقولون: بتناسخ الأرواح.84
4) ما ذکره ابن خلدون: کان هؤلاء القوم من أهل خراسان ومن أتباع أبى مسلم، یقولون بتناسخ الأرواح.85
ومن ملاحظة هذه الأقوال، نجدها تتفق فى الاُمور التالیة:
1) إنّ الذین خرجوا هم قوم من أهل خراسان؛
2) إنّهم یقولون: بتناسخ الأرواح؛
3) إنّهم علی رأی أبی مسلم ومن أتباعه.
وإذا لاحظنا معتقدات الفرقة الأبى مسلمیة، لوجدناها تنسجم مع ما تقدم ذکره الآن، وکما یلى:
1) ما ذکره البغدادى: إلاّ فرقة منهم، یقال لها: أبو مسلمیة، أفرطوا فى أبى مسلم غایة الإفراط، وزعموا أنّه صار إلهاً بحلول روح الإله فیه.86
2) ما ذکره النوبختى: ففرقة منهم یسمون: الأبو مسلمیة أصحاب أبى مسلم، قالوا بإمامته وادعوا أنّه حىّ لم یمت.87
3) علی ما فى کتاب جامع الفرق والمذاهب الإسلامیة: وهم ـ أى الأبو مسلمیة ـ من الفرق الحلولیة، قوم من أهل خراسان، قالوا بإمامة أبى مسلم الخراسانى.88
وهذه الأقوال، نلاحظ أنها تتفق فى الاُمور التالیة:
1) إنهم من أهل خراسان؛ 2) إنهم یقولون بالحلول؛ 3) إنهم یتولون أبا مسلم ومن أتباعه.
ومن الملاحظ أنّ هذه الاُمور تتفق مع الذین خرجوا، فیکون الذین خرجوا: من الفرقة الأبى مسلمیة المنشقة عن الفرقة الراوندیة ومن أتباع عبدالله الراوندى، لا أنهم هم الراوندیة. وقد لا نستبعد مشارکة الفرقة الرزامیة مع الفرقة الأبى مسلمیة، ولاسیما إذا التفتنا بأنّ هذه الفرقة تتولّی أبا مسلم وأنها من أتباع رجل یقال له رزام، وکذلک إذا أخذنا بنظر الاعتبار ما ذکره الطبرى من قول أبى خزیمة للمنصور، یقول الطبری: وقال ابن خزیمة: یا أمیر المؤمنین إنّ لهم بقیة، قال: فقد ولیتک أمرهم فاقتلهم، قال: فاقتل رزاماً، فإنه منهم، فعاذر رزام جعفر بن أبی جعفر فطلب فیه فآمنه.89
شعارات ثأر أم شعارات تأیید
تُعتبر الشعارات التى تُرفع فی کل ثورة معارضة للنظام السائد، معبِّرة عن معتقداتها ومُتبنیاتها ـ¬ ولو بنحو جزئى¬ـ کما أنّ هناک شعارات تُرفع فى مظاهرات ومسیرات مؤیدة للنظام السائد، سیما إذا کانوا من أنصار هذا النظام ومؤسسیه. إلاّ أنّه فى بعض الأحیان یتفق أن یکون رفع الشعارات ظاهرها مؤید للنظام، ولکن عند التدقیق فیها نجدها رافضة لهذا النظام، وهذا یُعبِّر عن الحنکة. والی جانب هذا، فإنّ هذه الشعارات قد تخفی علی الخلیفة، ولاسیما إذا کان من مُحبّى هذه الاُمور. کما أنه یوجد هناک خلیفة لا تهمه هذه الشعارات، سواء کانت مؤیدة أم کانت معارضة.
فإنه یقابل هذه الحنکة بقسوة تؤدّى إلى إبادة هذه الجماعة. وهذا ما تمتعت به الجماعة التی خرجت علی أبى جعفر المنصور، وبالمقابل کان هذا الأمر لا یخفی علی المنصور الذى یُعتبر من مؤسسى الخلافة العباسیة، فکان الرد منه قویاً وقاسیاً.
ومن هنا فالسؤال المطروح هو: هل أنّ هذه الشعارات التى رُفعت هى شعارات ثأر أم شعارات تأیید؟
ولکى نجیب عن هذا السؤال، نحاول الرجوع إلى المصادر التاریخیة التى ذکرت هذه الشعارات.
یذکر المؤرخون فى خروج هذه الجماعة، بأنها قد ادّعت:
إنّ روح آدم حلّت فى عثمان بن نهیک، وإن ربهم الذی یطعمهم ویسقیهم هو المنصور، وإن جبرائیل هو الهیثم بن معاویة، فلما أتوا قصر المنصور، قالوا: هذا قصر ربنا.90
والملاحظ فی هذا الشعار عدة أمور:
1) القول بالحلول؛ أی: حلول روح آدم فى عثمان بن نهیک؛
2) إن المنصور هو الإله؛
3) إن جبرائیل هو الهیثم بن معاویة.
وهذا ینسجم مع ما تقوله الفرقة الأبو مسلمیة، طبعاً فیما یرتبط بالنقطة الاولى والثانیة. لکن الفرقة الأب مسلمیة تدّعى: بأن الحلول هو فی أبى مسلم لا فى عثمان بن نهیک، فما هى الغایة من هذا الشعار؟
وقبل أن نجیب عن الغایة من هذا الشعار، نقول: إنه یوجد هناک بعض الباحثین قد شککوا فى صحة هذه الروایات الواردة فى قیام هذه الجماعة، وإنها من صنع العباسیین، وهو الذى یذهب إلیه الدکتور الخضرى، معللاً ذلک، بأن الغرض منها هو:
1) قتلهم عن آخرهم، أى: استئصالهم؛
2) تغییر شعار وهدف قیام هؤلاء الذى هو الانتقام لأبى مسلم.91
وقد لا نتفق مع الدکتور الخضرى، فیما یخصّ قوله «بأن هذه الروایات هى من صنع العباسیین» لأن هذا محتمل، لکن لیس هو الاحتمال الوحید، لوجود محتمل آخر وهو:
أن یکون هؤلاء قد رفعوا الشعار حیلة منهم، کان الغرض منه هو: الوصول إلى المنصور حتى یکونوا قریبین منه ومن ثم التمکّن من قتله، کما أعمل المنصور حیلة فى قتل أبى مسلم، فیکونوا عن هذا الطریق قد أخذوا بثأرهم. والذى یدلل علی هذا المحتمل، عدة إمور:
1) إن خروج هؤلاء کان فی سنة 141ه، وقیل غیر ذلک، وقد تقدم ذکر الاختلاف فی ذلک، وإن أبا مسلم قتله المنصور فی سنة 137ه، والفترة الطویلة ما بین قتل أبى مسلم وخروج هؤلاء، التى هی أربع سنوات علی أقل تقدیر، کما أن قدوم هؤلاء کان من خراسان، والمسافة بعیدة بالنظر إلى ذلک الزمان، لعدم توفّر وسائل النقل فى ذلک الوقت کما هى علیه الآن.
2) ومن الطبیعی جداً أن یلتقوا فى سفرهم هذا مع الناس، لکثرة عددهم الذی یقارب (600) شخص،92 وفیهم ـ أى فی الناس ـ المُوالى للمنصور وفیهم غیر المُوالى، فمن الطبیعى أن یُخفوا ما عزموا علیه لئلا تفشل حرکتهم. کما أن المنصور قد استتبت له الاُمور فى ذلک الوقت ـ ولو یسیراً ـ ولاسیما بعد أن تخلّص من أشدّ منافسیه، مثل: عبدالله بن على، الذی أفشل حرکته أبو مسلم، فهرب إلى البصرة، لأنّ أخاه سلیمان کان عاملاً علیها من قبل المنصور، واختفی عنده.93 و مثل: أبى مسلم الخراسانى الذى تخلّص منه فى سنة 137ه، ولا یُعقل أن هذه الجماعة لم تکن علی علی بذلک.
3) ولعل المؤشر الذى یدل علی أنّ هذا الشعار کان حیلة منهم هو: أنه عندما جاءهم عثمان بن نهیک وکلّمهم، رموه بسهم عند رجوعه، فوقع بین کتفیه، فمرض أیاماً ومات منه.94 وإلاّ لماذا رموه بعد أن ادّعوا بأنّ روح آدم قد حلّت فیه؟
4) وإذا دققنا فى الشعار، نلاحظ ورود ثلاث أشخاص وهم: المنصور وعثمان بن نهیک وهیثم بن معاویة، والملاحظ أن الأوّلین، أى المنصور وعثمان بن نهیک، کانا من المشارکین فى قتل أبى مسلم، حیث أنّ الأوّل هو المُدبِّر لعملیة الاغتیال، والثانى هو المنفِّذ للعملیة. وأما بالنسبة لهیثم بن معاویة، فالظاهر أنه کان من المقربین للمنصور، حیث أن المنصور قد ولّاه فى سنة 141ه مکة والطائف، کما أنه کان من أهل خراسان.95
ومن خلال هذا التحلیل یتضح لنا: بأنّ رفع الشعار من قبل هؤلاء کان حیلة منهم لا أنه کان حقیقة، فهو شعار ثأر لا شعار تأیید. ولهذا نجد أن المنصور قد عرف هذا وقام بسجن رؤساؤهم الذین یقارب عددهم (200) رجل96، وإلاّ فإن هذا الأمر کان یُفرح المنصور، لا أنه کان یحزنه.
ومن هنا فإنّ هذه النصوص تدل دلالة واضحة علی أن المقصد الرئیسى لحرکتهم هو قتل المنصور ومعاونیه، وهذا الأمر لا یکون إلا عن طریق إعمال الحیلة، لکى یأخذوا بثأر أبى مسلم، صاحبهم وقائدهم، الذین اُشربت قلوبهم بالمحبة له وإتباع أمره وإیثار طاعته، علی حدّ تعبیر أبی العباس.97
وأما التوجیه الذی ذکره الدکتور حسن إبراهیم، فإنه ینسجم مع الفرقة الأبی مسلمیة لا مع الراوندیة، یقول الدکتور حسن: «وکان أبو جعفر المنصور ینظر إلى الراوندیة کأعداء سیاسیین، لأنهم من أتباع عدوّه أبی مسلم الخراسانی، الذین یعملون علی تحویل الخلافة إلى ملک کسروی، کما کان ینظر إلیهم باعتبارهم زنادقة، یرون أن تعود المجوسیة، أو شکل من أشکالها، کالزرادشتیة أو المانویة أو المزدکیة أو غیرها، فعاملهم کما عامل أبا مسلم وقتلهم شرَّ قتلة، إلّا أنه مع ذلک لم یستطع أن یقضى علیهم قضاءاً تاماً.98
نجد هنا أن الدکتور حسن یذکر: بأن هؤلاء من أتباع أبی مسلم وأرادوا تحویل الخلافة إلى ملک کسروى، یعنى: أرادوا تحویلها إلى الإیرانیین، فإن هذا المبنى ینسجم مع الفرقة الأبی مسلمیة، ولا ینسجم مع الفرقة الراوندیة، لأن هذه الفرقة تری بأنّ الخلافة والإمامة منحصرة فى بنى العباس لا غیر، کما تقدم بیان ذلک.
نتیجة البحث
النتیجة التى یمکن أن نتوصل إلیها من خلال هذا البحث هى:
إنّ بنى العباس کانوا یعتقدون بأحقّیتهم بالخلافة والإمامة من بعد الرسول (ص)، لکون العباس الوارث الوحید للرسول ( ص)، فهوعمه و أقرب إلیه نسباً وأمسّهم به رحماً، فلا مجال لوراثة البنت أو بنى البنت وبنى العم مع وجود العم. کما أنّ النساء لا ترث بحسب الإجماع عندهم، ومن أجل هذا فقد اعتبروا کلّ من تسلّمَ زمام الأمور من بعد الرسول (ص) هو بمثابة الغاصب والضال، وبالتالى فقد أعلنوا براءتهم من هؤلاء. ولکن هذا الأمر لم یفصحوا عنه، لقلتهم واستئثار الناس علیهم فضیع حقهم. وقد استفادوا من الظروف التى مرت بها الأمّة الإسلامیة، وکان من بین أهم الظروف هى: حادثة کربلاء التی أشعلت فتیل الأزمة ما بین البیت الاُموى والبیت العلوى. ومع تزاید غضب الجماهیر من أفعال بنی اُمیة، ظهرت الثورات المطالبة بتنحّى بنى أمیة عن سَدّة الحکم. وکان الذى وضع اللقمة فى فم الأسد هو أبو هاشم الذى سهّل الطریق لبنى العباس لاستلام الخلافة فیما بعد. وذلک عن طریق العلاقة التى قامت ما بین محمد بن على وبین أبى هاشم، ممّا جعل الأخیر یُوصى لمحمد بن علی، علی الرغم من الاختلاف الحاصل حول هذه الوصیة.
ومن هنا استلم العباسیون أتعاب غیرهم، وقاموا بتشکیل جهاز سرّى یعمل علی طریقة التنظیم الهرمى، ولأجل عدم تغلغل محبة العباسیین فى صفوف الجماهیر المسلمة، فإنّهم بدأوا بطریقة ذکیّة جعلت الجماهیر تتجه إلیهم من غیر إدراک لحقیقة الحال، و الشىء الذى استفادوا منه کثیراً هو رفع شعار «الرضا من آل محمد» فعلی الرغم من کون هذا الشعار لا یُحدّد شخصاً بعینه، إلا أنّ الجماهیر فى ذلک الوقت کانت تنظر إلیه علی أنه یعنى المطالبة بحقّ بنى هاشم.
واستمروا بهذا الاتجاه مستخدمین سیاسة الاحتواء، فلم یُعلنوا فى مرحلتهم هذه البراءة بشکل کامل عمّن تولّی منصب الإمامة بعد الرسول (ص)، بل کانوا یُظهرون عکس ما یُضمرون، کما أنهم لم یعلنوا أحقّیتهم بالخلافة والإمامة، وإنما سکتوا حتى لا تنکشف سریرتهم وبالتالی یتفرق الناس من حولهم، و إن کان الخواص من شیعتهم الذین سموا بشیعة بنى العباس، علی علم بذلک، غایة الأمر أنهم کانوا یدرکون بأن هؤلاء سوف لا یعملون کما عمل بنى أمیة. وعندما نجحت ثورتهم، دخلوا فى مرحلتهم الثانیة، والتى أعلنوا بها البراءة من أبى بکر وعمر وعثمان، لکنهم أجازوا بیعة الامام على (ع) لإجازة العباس لها. وبدأت خطط العباسیین تنکشف شیئاً فشیئاً أمام العیان، وذلک عندما استلم أبو جعفر المنصور کرسى الخلافة، فقام بتصفیة کل من یُشکّل خطراً علیه، وابتدأ بعبدالله بن على، ومن ثم بأبى مسلم الخراسانى، ومن هنا دخلوا فى مرحلتهم الثالثة ألا وهى إعلان البراءة من کل من استلم الخلافة من بعد الرسول (ص) بما فی ذلک الامام على (ع)، وألزموا جماعتهم وشیعتهم بالقول بأن الخلافة تأتى عن طریق الارث، لا عن طریق النص ولا عن طریق الشوری والاختیار من الاُمة، لأن هذا الاختیار خطأ، لعدم أهلیة الاُمة لذلک.
وفى هذه المرحلة تم الانشقاق فى صفوف أنصارهم الذین أطلقوا علی أنفسهم ألقاباً اختلفت من حیث اللفظ إلا أنها واحدة من حیث المضمون، فتارة راوندیة وأخری عباسیة وثالثة شیعة بنى العباس.
ومن هنا نری بأن الراوندیة هى نفسها العباسیة وهى نفسها شیعة بنى العباس، وأنها مرت بنفس المراحل ـ من حیث المعتقد ـ التى مر بها بنو العباس، لأنهم أنصارهم وخاصتهم، فالمراحل الثلاث کانت تسیر جنباً إلى جنب مع الفرقة الراوندیة وبنى العباس. کما أن هذه الفرقة سمیت بهذا الاسم نسبة إلى مدینة راوند، لا إلى عبدالله الراوندی الذی هو من الفرقة الأبى مسلمیة. ونتیجةً للتدریج فى زرع المعتقد الذى سارت علیه الفرقة الراوندیة وبنى العباس، وما حدث من عملیات تصفیة لبعض الرموز المعروفة عندهم، جاءت الانشقاقات، وکان من أهمها الفرقة الرزامیة والابى مسلمیة.
فالرزامیة ادّعت بأنّ الخلافة انتقلت من أبى هاشم إلى محمد بن على، مع الاعتقاد بأن الإمامة قد انتقلت من الإمام على (ع) إلى إبنه محمد بن الحنفیة، ومن بعده إلى أبى هاشم، واستمرت الخلافة من بعد ذلک فى بنى العباس، إلى أن وصلت إلى أبى العباس السفاح، فکان المفروض أن یستلمها من بعده أبو مسلم، لأنّ له حظاً فى الإمامة، ولکنّ بنى العباس استأثروا بها، فانتقلت إلى أبى جعفر المنصور، فعندما قُتل أبو مسلم، اعتقدوا بموته. وظلّوا علی هذا المعتقد غیر معترفین بأحقیة أبى جعفر المنصور لمنصب الخلافة.
وأما فرقة الأبى مسلمیة، فإنها قد اعتقدت بنفس الاعتقاد الذى اعتقدت به الفرقة الرزامیة، إلا أنها ادّعت بأن أبا مسلم حى ولم یمت، وهم باقون علی انتظاره، کما أنها ادّعت دعوی الحلول التی نصّت علی کون روح الاله قد حلّت فى أبى مسلم الخراسانى.
وظلّوا علی هذه الحال منتظرین الفرصة المناسبة للانقضاض علی أبى جعفر المنصور، وسنحت الفرصة لهم فى سنة 141ه، فخرجوا علی أبى جعفر المنصور، ورفعوا شعارات کان باطنها بخلاف ظاهرها، حیث أنهم قد أرادوا الاستفراد بالذین قتلوا أبا مسلم لیقتلوهم، مما یعنى بأن هذه الشعارات کانت شعارات ثأر لا شعارات تأیید.
وأما بالنسبة للفرقة الراوندیة، التى هى الاسم الآخر للعباسیة ولشیعة بنى العباس، فأنها قد أقرت بأن الإمامة تکون بالارث وأنها من حق العباس وولده ولا تشمل غیرهم. فهى لم تخرج علی المنصور، کما أنها لم تدّعى دعوی الحلول والتناسخ، وإنما کان هذا من عمل فرقة الابى مسلمیة التى انشقت عن الراوندیة.
وقد أوضحنا بالادلة بأن جمیع الامور تتناسب مع فرقة الأبى مسلمیة، ولا تتناسب مع فرقة الراوندیة.
فهرس المصادر:
1) ابن الاثیر، علی بن أبی الکرم، الکامل فی التاریخ، راجعه وصححه: د. محمد یوسف الدقاق، ط. الاولى، دار الکتب العلمیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1987م.
2) الاصفهانی، أبو الفرج، مقاتل الطالبیین، تحقیق: کاظم المظفر، ط. الثانیة، منشورات المکتبة الحیدریة ومطبعتها، الناشر: مؤسسة دار الکتاب للطباعة والنشر، قم ـ ایران، سنة: 1385ه ــ 1965م.
3) إسماعیل، د. محمود، الحرکات السریة فی الاسلام، ط. الخامسة، مؤسسة الانتشار العربی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1997م.
4) الاشعری، علی بن إسماعیل، مقالات الاسلامیین واختلاف المصلین، تحقیق محمد محی الدین عبد الحمید، المکتبة العصریة، مطبعة صیدا، بیروت ـ لبنان، سنة: 1996م.
5) الاسفرایینی، أبو المظفر، التبصیر فی الدین وتمییز الفرقة الناجیة عن الفرق الهالکین، تحقیق کمال یوسف، ط. الاولى، منشورات عالم الکتب، بیروت ـ لبنان، سنة: 1403ه ـ 1983م.
6) الانصاری، عبد الواحد، مذاهب ابتدعتها السیاسة فی الاسلام، ط. الاولى، إنتشارات مؤسسة الأعلمی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1973م.
7) الامین، شریف یحیى، معجم الفرق الإسلامیة، ط. الاولى، دار الاضواء، بیروت ـ لبنان، سنة: 1406 ه ـ 1986م.
8) الاندلسی، ابن حزم الظاهری، الفصل فی الملل والاهواء والنحل، تصحیح وتذییل عبد الرحمن خلیفة، ط. الاولى، مطبعة محمد علی صبیح وأولاده، مصر، سنة: 1347ه.
9) إقبال، عباس، خاندان نوبختی، مطبعة مجلس، طهران ـ ایران، سنة: 1311 هجری شمسی.
10) البغدادی، الامام عبد القاهر بن ظاهر، الفرق بین الفرق، اعتنى به وعلق علیه الشیخ إبراهیم رمضان، ط. الاولى، مطبعة دار المعرفة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1994م.
11) تامر، د. عارف، معجم الفرق الإسلامیة، دار المسیرة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1990م.
12) ابن الجوزی، الامام أبو الفرج عبد الرحمن، تلبیس إبلیس، تحقیق محمد بن الحسن وسعد عبد الحمید السعدنی، ط. الاولى، دار الکتب العلمیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1418ه ـ 1998م.
13) الحلی، العلامة جمال الدین حسن بن یوسف، أنوار الملکوت فی شرح الیاقوت، تحقیق محمد نجمی الزنجانی، ط. الثانیة، إنتشارات الرضی، مطبعة أمیر، سنة: 1363 هجری شمسی.
14) الحمیری، أبو سعید نشوان، الحور العین، تحقیق کمال مصطفى، ط. الثانیة، دار آزال للطباعة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1985م.
15) حسن، د. إبراهیم حسن، تاریخ الاسلام، ط. السابعة، منشورات مکتبة النهضة المصریة، القاهرة ـ مصر، سنة: 1964م.
16) الحموی، یاقوت، معجم البلدان (5 جلد)، دار إحیاء التراث العربی، بیروت ــ لبنان، سنة: 1399ه ـ 1979م.
17) الخوارزمی، محمد بن أحمد، مفاتیح العلوم (فارسی)، ترجمة حسین خدیو، ط. الثانیة، مرکز إنتشارات علمی وفرهنگی، ایران، سنة: 1362 هجری شمسی.
18) ابن خلکان، أبو العباس شمس الدین أحمد، وفیات الأعیان وأنباء أبناء الزمان، بدون تاریخ.
19) ابن خلدون، عبد الرحمن، دیوان المبتدء والخبر فی تاریخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوی الشأن الأکبر، مراجعة: د. سهیل زکار، ط. الثانیة، مطبعة دار الفکر، بیروت ـ لبنان، سنة: 1417ه ـ 1996م.
20) الخضری، د. أحمد رضا، تاریخ خلافت عباسی از آغاز تا پایان آل بویه، ط. الثانیة، انتشارات سمت، طهران ـ ایران، سنة: 1379 هجری شمسی.
21) الدینوری، أحمد بن داود، الاخبار الطوال، تقدیم: د. عصام محمد الحاج علی، ط. الاولى، دار الکتب العلمیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1421ه ـ 2001م.
22) داود، نبیلة عبد المنعم، نشأة الشیعة الامامیة، ط. الاولى، دار المؤرخ العربی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1415 ه ـ 1994م.
23) الدینوری، ابن قتیبة، الإمامة والسیاسة (مجلد واحد)، تحقیق علی شیری، ط. الاولى، منشورات الشریف الرضی، قم ـ ایران، سنة: 1371 هجری شمسی ـ 1413ه.
24) الرازی، فخر الدین محمد، اعتقادات فرق المسلمین والمشرکین، ضبط وتقدیم محمد المعتصم بالله البغدادی، ط. الاولى، دار الکتاب العربی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1407ه ـ 1986م.
25) الرازی، الشیخ أحمد بن حمدان، کتاب الزینة (ج 3)، ملحق بکتاب الغلو والفرق الغالیة فی الحضارة الاسلامیة، تحقیق: د. عبدالله سلوم السامرائی، ط. دار واسط، بغداد ـ العراق، بدون تاریخ.
26) السامرائی، د. عبدالله سلوم، الغلو والفرق الغالیة فی الحضارة الإسلامیة، طبعة دار واسط، بغداد ـ العراق، بدون تاریخ.
27) الشهرستانی، أبو الفتوح محمد، الملل والنحل، صححه وعلق علیه الشیخ أحمد فهمی محمد، ط. الاولى، مطبعة حجازی، القاهرة ـ مصر، سنة: 1948م.
28) الصفدی، صلاح الدین، الوافی بالوفیات، تحقیق: دورویتاکرافوسکی، ط. الثانیة، دار صادر، بیروت ـ لبنان، سنة: 1411ه ـ 1991م.
29) صفری، د. نعمت الله فروشانی، غالیان؛ کاوشی در جریان¬ها و برآیندها، ط. الاولى، مؤسسة چاپ آستانه قدس رضوی، مشهد ـ ایران، سنة: 1378 هجری شمسی.
30) الطبری، محمد بن جریر، تاریخ الرسل والملوک (8 مجلدات)، تحقیق: نخبة من الباحثین، منشورات مؤسسة الأعلمی للمطبوعات، بیروت ـ لبنان، بدون تاریخ.
31) علم الهدى، مرتضى بن داعی حسنی رازی، تبصرة العوام فی معرفة مقالات الأنام، تصحیح عباس إقبال، ط. الثانیة، إنتشارات أساطیر، ایران، سنة: 1364 هجری شمسی.
32) العصفری، خلیفة بن خیاط، تاریخ خلیفة بن خیاط، راجعه وضبطه ووثقه ووضع حواشیه وفهرسه: د. مصطفى نجیب فواز والدکتورة حکمت کشلی فواز، ط. الاولى، منشورات دار الکتب العلمیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1415ه ـ 1995م.
33) ابن العبری، غریغوریوس، تاریخ مختصر الدول، مؤسسة نشر الثقافة الاسلامیة ، قم ـ ایران، بدون تاریخ.
34) عمر، د. فاروق، العباسیون الاوائل، ط. الثانیة، منشورات جامعة بغداد، مطبعة بغداد، بغداد ـ العراق، سنة: 1977م.
35) ابن فقیه، أحمد بن محمد الهمذانی، کتاب مختصر البلدان، مطبعة لیدن، سنة: 1302 هجری شمسی.
36) الفیومی، د. محمد إبراهیم ، الفرق الاسلامیة وحق الامة السیاسی، دار الشروق، القاهرة ـ مصر، سنة: 1419ه ـ 1998م.
37) القمی، سعد بن عبدالله الأشعری، المقالات والفرق، تحقیق: د. محمد جواد مشکور، ط. الثانیة، مرکز انتشارات علمی وفرهنگی، طهران ـ ایران، سنة: 1305 هجری شمسی.
38) الکوفی، ابن أعثم، الفتوح، ط. الاولى، دار الندوة الجدیدة، بیروت ـ لبنان، بدون تاریخ.
39) اللیثی، د. سمیرة، جهاد الشیعة فی العصر العباسی الاول، نشر البطحاء، بدون تاریخ.
40) مؤلف مجهول، أخبار الدولة العباسیة، تحقیق: د. عبد العزیز الدوری والدکتور عبد الجبار المطلبی، دار الطلیعة للطباعة والنشر، مطبعة دار صادر، بیروت ـ لبنان، سنة: 1978م.
41) المسعودی، علی بن الحسین، مروج الذهب ومعادن الجوهر، تحقیق: عبد الأمیر مهنا، ط. الاولى، منشورات مؤسسة الاعلمی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1996م.
42) مهنا. عبد الامیر وعلی فریس، جامع الفرق والمذاهب الاسلامیة، ط. الثانیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1994م.
43) مشکور، د. محمد جواد، تاریخ فرقه¬های شیعه وفرقه¬های اسلام تا قرن چهارم، ط. الثانیة، منشورات کتابفروشی اشراقی، مطبعة افست مروی، طهران ـ ایران، سنة: 1362 هجری شمسی.
44) المفید، الشیخ محمد بن محمد النعمان، الارشاد فی معرفة حجج الله على العباد، منشورات مکتبة بصیرتی، قم ـ ایران، بدون تاریخ.
45) النوبختی، الحسن بن موسى، فرق الشیعة، تحقیق محمد صادق بحر العلوم، المطبعة الحیدریة، نجف ـ عراق، سنة: 1936م.
46) الیعقوبی، أحمد بن إسحاق، تاریخ الیعقوبی (مجلد واحد) , تعلیق: خلیل منصور، ط. الاولى، منشورات دار الکتب العلمیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1419ه ـ 1999م.
الهوامش:
1) الحموی، یاقوت، معجم البلدان (5 جلد)، دار إحیاء التراث العربی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1399ه ـ 1979 م، ج 3، ص: 19.
2) الأمین، شریف یحیى، معجم الفرق الإسلامیة، ط. الإولى، دار الأضواء، بیروت ـ لبنان، سنة: 1406 ه ـ 1986م، ص: 120.
3) عمر، د. فاروق، العباسیون الأوائل، ط. الثانیة، منشورات جامعة بغداد، مطبعة بغداد، بغداد ـ العراق، سنة: 1977 م، ج 1، ص: 48.
4) الحموی، نفس المصدر، ج 3، ص: 19.
5) النوبختی، الحسن بن موسى، فرق الشیعة، تحقیق محمد صادق آل بحر العلوم، المطبعة الحیدریة، النجف ـ العراق، سنة: 1355ه ـ 1936م، صص: 31ـ32ـ33.
6) الحمیری، أبوسعید نشوان، الحور العین، تحقیق کمال مصطفى، ط. الثانیة، دار آزال للطباعة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1985م، ص: 215.
7) المفید، الشیخ محمد بن محمد النعمان، الأرشاد فی معرفة حجج الله على العباد، منشورات مکتبة بصیرتی، بدون تاریخ، ص: 254؛ وکذلک انظر: المسعودی، مروج الذهب ومعادن الجوهر، ج 3، ص: 180.
8) العصفری، خلیفة بن خیاط، المصدر السابق، ص: 193.
9) النوبختی، المصدر السابق، صص: 33ـ 36.
10) نفس المصدر، ص: 33.
11) الصفدی، المصدر السابق، ج 17، ص: 224، بتصرف.
12) النوبختی، نفس المصدر، ص: 33؛ وکذلک انظر: القمی، المقالات والفرق، ص: 40.
13) القمی، سعد بن عبدالله الأشعری، المقالات والفرق، ص: 40؛ وکذلک انظر: النوبختی، نفس المصدر، ص: 33.
14) الرازی، أحمد بن حمدان، السابق، ج 3، ص: 298.
15) نفس المصدر، ص: 300.
16) الخوارزمی، محمد بن أحمد، مفاتیح العلوم (فارسی)، ترجمة: حسین خدیو، ط. الثانیة، مرکز انتشارات علمی و فرهنگی، ایران، سنة: 1362 هجری شمسی، ص: 34.
17) الأندلسی، ابن حزم الظاهری، الفصل فی الملل و الأهواء والنحل، تصحیح وتذییل عبد الرحمن خلیفة، ط. الأولى، مطبعة محمد علی صبیح وأولاده، مصر، سنة: 1347ه، ج 4، ص: 75.
18) الأشعری، علی بن إسماعیل، مقالات الأسلامیین وإختلاف المصلین، تحقیق محمد محی الدین عبد الحمید، المکتبة العصریة، مطبعة صیدا، بیروت ـ لبنان، سنة: 1996م، ج 1، صص: 94ـ 95.
19) نفس المصدر، ج 1، ص: 96.
20) الحمیری، المصدر السابق، ص: 205.
21) نفس المصدر، ص: 314.
22) الحمیری، المصدر السابق، ص: 214.
23) البغدادی، الأمام عبد القاهر، الفرق بین الفرق، اعتنى به وعلق علیه الشیخ إبراهیم رمضان، ط. الأولى، مطبعة دار المعرفة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1994م، صص: 47ـ 48.
24) الرازی، فخر الدین محمد، إعتقادات فرق المسلمین والمشرکین، ضبط وتقدیم: محمد المعتصم بالله البغدادی، ط. الأولى، دار الکتاب العربی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1407ه ـ 1986م، ص: 77.
25) الفیومی، د. محمد إبراهیم ، الفرق الإسلامیة وحق الأمة السیاسی، دار الشروق، القاهرة ـ مصر، سنة: 1419ه ـ 1998م، ص: 399.
26) صفری، د. نعمت الله فروشانی، غالیان؛ کاوشی در جریان¬ها و برآیندها (فارسی)، ط. الأولى، مؤسسة چاپ آستانه قدس رضوی، مشهد ـ ایران، سنة: 1378 هجری شمسی، ص: 37.
27) نفس المصدر، ص: 176.
28) الأمین، شریف یحیى، المصدر السابق، ص: 120.
29) الطبری، محمد بن جریر، المصدر السابق، ج 6، ص: 326.
30) عمر، د. فاروق، المصدر السابق، ج 1، ص: 48.
31) السامرائی، د. عبدالله سلوم، الغلو والفرق الغالیة فی الحضارة الإسلامیة، ط. دار واسط، بغداد ـ العراق، بدون تاریخ، صص: 93ـ94.
32) تامر، د. عارف، معجم الفرق الإسلامیة، دار المسبرة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1990م، ص: 142.
33) إقبال، عباس، خاندان نوبختی (فارسی)، مطبعة مجلس، طهران ـ ایران، سنة: 1311 هجری شمسی، ص: 256.
34) نفس المصدر، ص: 259.
35) مشکور، د. محمد جواد، تاریخ شیعه و فرقه¬های اسلام تا قرن چهارم (فارسی)، ط. الثالثة، منشورات کتابفروشی اشراقی، مطبعه افست مروى، تهران ـ ایران، سنة: 1363 هجری شمسی، ص: 85.
36) نفس المصدر، ص: 84.
37) القمی، سعد بن عبدالله الأشعری، المقالات والفرق، تعلیقات المصحح، ص: 180.
38) الأشعری، علی بن إسماعیل، المصدر السابق، ج 1، صص: 94ــ 95.
39) المسعودی، المصدر السابق، ج 3، صص: 261 ـ 262.
40) علم الهدى، مرتضى بن داعی حسنی رازی، تبصرة العوام فی معرفة مقالات الأنام (فارسی)، تصحیح عباس إقبال، ط. الثانیة، إنتشارات أساطیر، سنة: 1364 هجری شمسی، صص: 179 ـ 180.
41) القمی، سعد بن عبدالله الأشعری، المصدر السابق، صص: 65 ــ 66.
42) الحلی، العلامة جمال الدین حسن بن یوسف، أنوار الملکوت فی شرح الیاقوت، نحقیق محمد نجمی الزنجانی، ط. الثانیة، إنتشارات الرضی، مطبعة أمیر، سنة: 1363 هجری شمسی، ص: 207.
43) القمی، سعد بن عبدالله، المصدر السابق، ص: 66.
44) الأندلسی، ابن حزم الظاهری، المصدر السابق، ج 4، ص: 75.
45) الحمیری، المصدر السابق، ص: 205.
46) المسعودی، المصدر السابق، ج 3، ص: 262.
47) إقبال، عباس، خاندان نوبختی، ص: 256.
48) الحمیری ، المصدر السابق، ص: 205.
49) القمی، المصدر السابق، ص: 66.
50) نفس المصدر، ص: 68.
51) نفس المصدر، ص: 68.
52) المسعودی، المصدر السابق، ج 3، ص: 262.
53) القمی، نفس المصدر، ص: 65.
54) الرازی، علم الهدى، تبصرة العوام فی معرفة مقالات الأنام، ص: 180.
55) إقبال، عباس، المصدر السابق، ص: 87.
56) تامر، د. عارف، المصدر السابق، ص: 145.
57) ابن الجوزی، الإمام أبو الفرج عبد الرحمن، تلبیس ابلیس، تحقیق محمد بن الحسن وسعد عبد الحمید السعدنی، ط. الأولى، دار الکتب العلمیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1418ه ـ 1998م، ص: 130.
58) مشکور، د. محمد جواد، تاریخ فرقه¬های شیعه...، ص: 84.
59) إقبال، عباس، المصدر السابق، ص: 256.
60) الشهرستانی، ابو الفتوح محمد، الملل والنحل، صححه وعلق علیه الشیخ أحمد فهمی محمد، ط. الأولى، مطبعة حجازی، القاهرة ـ مصر، سنة: 1948م، ص: 248.
61) الاسفرایینی، ابو المظفر، التبصیر فی الدین وتمییز الفرقة الناجیة من الهالکین، تحقیق کمال یوسف، ط. الأولى، منشورات عالم الکتب، بیروت ـ لبنان، سنة: 1403ه ـ 1983م، ص: 130.
62) البغدادی، الأمام عبد القاهر، المصدر السابق، ص: 230.
63) الرازی، علم الهدى، تبصرة العوام...، ص: 178.
64) نفس المصدر، ص: 180.
65) البغدادی، نفس المصدر، ص: 230.
66) النوبختی، المصدر السابق، ص: 52؛ وانظر: القمی، المصدر السابق، ص: 69.
67) القمی، المصدر السابق، ص: 64؛ النوبختی، المصدر السابق، ص: 47.
68) الحمیری، المصدر السابق، ص: 214.
69) مهنا، عبد الأمیر وعلی فریس، جامع الفرق والمذاهب الإسلامیة، ط. الثانیة، بیروت ـ لبنان، سنة: 1994 م، ص: 12.
70) إقبال، عباس، المصدر السابق، ص: 252.
71) مشکور، د. محمد جواد، تاریخ فرقه¬های شیعه...، ص: 84.
72) الرازی، فخر الدین، إعتقادات فرق المسلمین والمشرکین، ص: 79.
73) القمی، نفس المصدر، ص: 65؛ النوبختی، المصدر السابق، ص: 48.
74) إقبال، نفس المصدر، ص: 267.
75) مشکور، د. محمد جواد، تاریخ فرقه¬های شیعه...، ص: 86.
76) الأنصاری، عبد الواحد، مذاهب إبتدعتها السیاسة فی الأسلام، ط. الأولى، إنتشارات مؤسسة الأعلمی، بیروت ـ لبنان، سنة: 1973م، ص: 212.
77) الرازی، علم الهدى، تبصرة العوام...، ص: 179.
78) الطبری، المصدر السابق، ج 6، ص: 147؛ ابن الأثیر، المصدر السابق، ج 5، ص: 128.
79) الدینوری، ابو حنیفة، المصدر السابق، ص: 556.
80) ابن العبری، المصدر السابق، ص: 122.
81) الطبری، نفس المصدر، ج 6، ص: 234؛ ابن الأثیر، نفس المصدر، ج 5، ص: 165؛ ابن العبری، نفس المصدر، ص: 122.
82) الطبری، نفس المصدر، ج 6، ص: 147.
83) المسعودی، المصدر السابق، ج 3، 315.
84) ابن الأثیر، المصدر السابق، ج 5، ص: 129.
85) ابن خلدون، عبد الرحمن، دیوان المبتدء والخبر...، مراجعة سهیل زکار، ط. الثانیة، مطبعة، دار الفکر، بیروت ـ لبنان، سنة: 1417ق ـ 1996م، ج3 ، ص: 233.
86) البغدادی، المصدر السابق، ص: 230.
87) المصدر السابق، ص: 47.
88) مهنا، المصدر السابق، ص: 12.
89) الطبری، المصدر السابق، ج6 ، ص: 148.
90) الطبری، نفس المصدر، ج 6، ص 147؛ ابن الأثیر، المصدر السابق، ج 5، ص: 129؛ ابن خلدون، المصدر السابق، ج 3، ص: 233.
91) الخضری، د. أحمد رضا، تاریخ خلافت عباسی از آغاز تا پایان آل بویه (فارسی)، ط. الثانیة، انتشارات سمت، طهران ـ ایران، سنة: 1379هجری شمسی، ص: 29، هامش رقم: 1.
92) الطبری، المصدر السابق، ج 6، ص: 147.
93) الیعقوبی، نفس المصدر، ج 2، ص: 256.
94) ابن الأثیر، المصدر السابق، ج 5، ص: 130.
95) نفس المصدر، ج 5، ص: 132.
96) نفس المصدر، ج 5، ص: 129.
97) الدینوری، ابو حنیفة، المصدر السابق، ص: 545.
98) حسن، د. حسن إبراهیم ، تاریخ الأسلام، ط. السابعة، منشورات مکتبة النهضة المصریة، القاهرة ـ مصر، سنة: 1964م، ج 2، ص: 105.