إنّ مسأله حدوث العالم وقدمه کانت مثار جدل متفاقم بین الفلاسفه من جهه والمتکلمین والمتشرعه من جهه أخرى، وذلک لأنّ رؤیه هؤلاء الأخیرین تدور على امتناع قِدَم المخلوق، والذی یکون قدیماً وغیر مسبوق بعدم زمنی لا یکون مخلوقاً ومحدَثاً. فالحکماء قد دافعوا عن مبنى الحدوث الذاتی بناءاً على أنّ الزمان ینتزع من أمور یتطرق إلیه التغییر والتدریج، ولذا یرى أکثرهم أنّ الزمان منتزع من الحرکه، و إن کان بعضهم قد أذعن بأنّ مسأله الحدوث والقدم جدلیه الطرفین إثباتا ونفیاً. وبما أنّ مدرسه الحکمه المتعالیه قد حاولت أن تجمع بین مبانی مدرسه الفلسفه والکلام والعرفان، فقد طرحت رؤیه جدیده ومبتکره لحل هذه المسأله، حیث حاول الحکیم السبزواری توضیح کافه العناصر المحوریه للحکمه الصدرائیه المتعالیه، فقد أتى باصطلاح جدید فی مباحث حدوث العالم وقدمه وهو مصطلح: الحدوث الاسمی، بل نجده یدّعی اکتشافه من الآیات القرآنیه والکلمات الإلهیه. تتناول هذه المقاله هذا الاصطلاح بنحو أعمق لیس من ناحیه الاصطلاح و حسب، بل لتدرسه فی وعاء المبانی العرفانیه والفلسفیه عند الحکیم السبزواری، و تحلل من هذه الناحیه مسأله فاعلیه الباری التی تشکل المستند الأهم وساحه الصراع والتحدی فیما بین المتکلمین والفلاسفه فی مفهوم الحدوث، وتطرح التفاته السبزواری لمسأله التجلّی التی هی إحدى مبانیه المسببه عن تبنیه للحدوث الاسمی. ثم سنتناول نظریات الإثبات والنفی لهذا الحدوث عند شارحی منظومته، أعنی المدرس الآشتیانی والشیخ الآملی فیما ذهبا إلیه من المواقف المتباینه، حیث اتخذ المحقق الآشتیانی موقفاً إیجابیاً لهذا الحدوث بناءً على مبانیه العرفانیه فی التجلّی والظهور والتعیّن مستعملاً مصطلح الحدوث فحسب، بید أنّ الآملی کان له موقف سلبی تجاه هذا المبنى وعدَّه خارجاً عن منظومه الأبحاث الفلسفیه والحکمه المتعالیه.من ثَمَّ یتبلور مبنى الحکیم السبزواری فی تبنّیه لأصاله الوجود على ما طرحه فی مسأله الحدوث الاسمی.