تقنيات الصورة الفوتوغرافية في رواية «جوع العسل» لزهران القاسمي(مقاله علمی وزارت علوم)
حوزههای تخصصی:
الهدف والمقدمه: تهدف هذه الدراسه لإبراز النقاط المحوریه المتمثله بتقنیات الصوره الفوتوغرافیه، وإظهار الفواعل الدرامیه لها، کی تنتج عنصر الحرکه والنظم فی النص القصصی، إمّا من خلال الصور الاستذکاریه أو الإتیان بإطار یتمیّز بعنصر السرد الروائی. ولإبراز مدى تفاعل المرسل مع مقومات الصوره الفوتوغرافیه وقواعدها فی السرد الروائی، وإیجاد حدث درامی من خلال تصویر البیئه المحیطه بالشخصیات الرئیسه للروایه، وهذا ما یقترن فی الکتابه بالکلمات. تعیین بعض التفاصیل المتعلقه بالنص السردی کقُرب وبُعد الأشیاء فی زوایا الإطار، وتجسید خطوط الأفق فی تصاویر البیئه الجبلیه والصحراویه، واستبعاد وتقریب العناصر لاستشعار العمق الفراغی فی الصور. الفنون البصریه أو الفنون المرئیه هی التی تُنتج للمتلقی أعمال فنیه ضخمه، ثم یقوم النقاد والمتخصصون فی کل مجال من تلک الفنون بتقییمها حسب آلیاتها الفعّاله وما تقدمه من مفاهیم قیّمه للمتلقی، وفقاً للغه المرئیه التی تلهمه بأفکار ورموز، وأحیاناً دلالات معقده غیر سطحیه بهدف تخلید بعض الأحداث التاریخیه، والموضوعات الأدبیه والاجتماعیه، والسیاسیه، وما شابهها، و الأثر الفنی الواحد کفیل بإیضاح قضیه یصعب شرحها باللغه المکتوبه أو المنطوقه، وهذا ما یدل على مهاره استیعاب الفنان فی اختیار الأسالیب البصریه المتناسبه مع إدراک المتلقی. ونجدر بالذکر أهم الفنون المرئیه ذات الصله بالأدب الروائی؛ فن الرسم، والمسرح، السینما، خاصه الفوتوغرافیا. تعتبر الصور الفوتوغرافیه أهم عناصر اللغه المرئیه فی العصر الراهن، حیث یقوم الفنان بتوظیفها لنقل الأحاسیس والمعلومات کأداه إشاریه، وقد تلعب هذه الصور دوراً مهمّاً فی توحید الأفراد والشعوب المختلفه؛ لأنّها تحتوی على لغه مرئیه یتفق علیها جمیع أقشار المجتمعات البشریه. إنتاج الصور أمر ضروری لتخلید الحضارات الإنسانیه بصوره دقیقه، فنرى أنّ للصور الفوتوغرافیه مکانه مرموقه فی عصرنا الحالی نظراً لمواکبتها التطورات التقنیه منذ القرن التاسع عشر، لذا تُستخدم لأغراض جمه؛ وثیقه ومستند، وعمل فنی، وخطاب بصری، أو للتعبیر عن الحالات النفسیه. إنّ الخلفیه التی تتمیّز بها الصور الفوتوغرافیه هی محاوله الإنسان لتسجیل نشاطاته العلمیه وواقعه الاجتماعی، وفی هذه الحاله قد یحل الفنان محل الراوی الذی یروی الحدث بواسطه الرؤیه المرئیه.المنهجیه: تناول هذا البحث تقنیات وأنماطاً متعدّده للصور الفوتوغرافیه وفقاً للمنهج الوصفی- التحلیلی والتداولی، فکشف عن تفاعل النص الروائی مع آلیات الصوره الفوتوغرافیه وکیفیه تمکّن المرسل من إیصال الفکره المتجلیه من الوحدات البنائیه الأساسیه للسرد، إلى المرسل إلیه.المستجدات: تتسم روایه "جوع العسل" لزهران القاسمی بقواعد فوتوغرافیه عدّه حیث یجسّد فیها الراوی ثیمات الصور الفوتوغرافیه لما لها من قدره على التفاوض مع الأحداث وخاصه فی القرى العمانیه. وظف القاسمی تقنیه الصوره الفوتوغرافیه لتجسید الحیاه الاجتماعیه والمعیشیه فی بعض القرى العمانیه، والترکیز على أعمال النحالین الثلاث فی البیئه الجبلیه ورحلات بحثهم عن العسل الجبلی، وإظهار أسلوب الحیاه فی هذه المناطق کالسهول، والأودیه، والفلاه، وسفوح الجبال، وتحدیداً تخوم الجبل الأبیض وسلسله جبال الحلوى، أو تجسید الثقافه العمانیه خاصه فی المناسبات المختلفه المتجلیه فی الحفلات المتنوعه، وطریقه اللبس، والأکل، واللهجه، والموسیقى، والجوانب الدینیه.البحث والنتائج: تقدم الصوره الفوتوغرافیه نظره شامله للمرسل إلیه، وتُعبّر عن أفکار المصوّر وکیفیه خیاراته لبعض العناصر وترتیبها فی الإطار، وهذا الأمر یُعبر عن قدره الصوره المرئیه على مد جسور التواصل بین أنا الفردیه والجماعیه. وقد تعالج الصوره الواحده قضایا عدّه من المجتمع البشری من خلال نشرها على مواقع التواصل أو الصحف والمجلات والکتب، وبوصفها لغه مرئیه تنضم للخطاب البصری المندمج بالخطاب اللسانی لتکمله الفکره السائده؛ لأنّ المرسل إلیه لا یمکنه تحلیل الخطاب المرئی دون اللجوء للخطاب اللسانی واللغه المکتوبه للکشف عن الأبعاد المختلفه لها کالبُعد الاجتماعی أو السیاسی والاقتصادی والنفسی والإرشادی والسیمیائی وخاصه الأدبی، لتعالقه التام بالصوره المرئیه والواقع الملموس، لذا نوعیه العلاقه بین السرد الروائی المشبع بالتقنیات المرئیه، والخطاب البصری، خاصه الصوره الفوتوغرافیه بین أخذ وعطاء، فغالباً ما نرى أنّ النقاد السینمائیین یقومون بتحلیل اللقطات المأخوذه من الفیلم وفقاً للنص الروائی المقتبس قبل تحوله لشریط فلمی. من أهم النتائج التی توصل إلیها البحث هی أنّ الإحاطه بهذه التقنیات یثری الصوره ویجعلها حریه لإیصال الفکره المشترکه بین جمیع الصور، وبالتالی إیجاد معنى نفسی یتولّد من الصور التی لها ملامح فوتوغرافیه وفقاً للقواعد المفروضه فی هذا المجال. یقوم السارد فی بعض الفقرات بتوظیف عناصر عدّه للصوره المرئیه کی یسهّل وصول المعنى المعمق للمتلقی، فتظهر فی الصوره کتل عملاقه أثناء وصف المشهد وتستحوذ على مساحه عملاقه من الإطار، ومن خلال تسجیل بعض الأحداث الروائیه وفقاً لقواعد الصوره تمکّن السارد من إظهار میزات اللغه المرئیه، کشدّ انتباه المتلقی وتبیین التفاصیل المتعلقه بالمسافه داخل إطار الصوره من خلال استبعاد العناصر وتقریب أشیاء أخرى. إنّ بعض الصوره الفوتوغرافیه المعروضه فی هذه الروایه تعمل کخطاب بصری لتوثیق الأحداث المنسیه وتتضح بواسطتها المسافات المحدده بین الأشیاء فی الإطار خاصه فیما یتعلق بعناصر الطبیعه المذکوره فی الروایه کالجبال والأودیه والزهور الجبلیه و...، وفقاً للقاعده الأفقیه، أو إظهار العناصر المتمیزیه فی مقدمه الصوره، واستخدام هذا الأسلوب یساعد المرسل لإیصال مدى أهمیه العنصر المقدَّم، کما أنّ من خلال قاعده عین المشاهد تمکّن الراوی من تجسید امتداد حدود الرؤیه، فی هذه الحاله یتراءى للمتلقی وکأنّه یبحث عن نقطه نهائیه فی المساحه الممتده، فهذه القاعده تعطی المتلقی شعور المشارکه والمشاهده فی الحدث، من هذا المنطلق یتشعّب البحث لمحاور عدّه تصب فی هذا المسار کقاعده الأفق والمقدمه وعین المشاهد والأنماط التکراریه والعمق الفراغی.