استخدم الشاعر السوری علی أحمد سعید المشهور بأدونیس الکثیر من الرموز والمفردات المنزاحة عن دلالاتها المعجمیّة فی نصوصه الشّعریة للتعبیر عن أفکاره ورؤاه الفنیّة، وقد اعتمد علی هذه اللغة الرمزیّة بسبب الظروف السیاسیّة والاجتماعیّة المتفشّیة فی المجتمع. وقد رکز الشاعر فی رمزیته على عناصر طبیعیّة متعدّدة کالشمس والبحر والمطر والقمر والحجر والسماء والریح والنار. وإنّنا فی هذا المجال نرید أن نعالج رمزیّة النار ودلالاتها فی دیوان أغانی مهیار الدمشقی. فهذه المفردة تحمل فی طیّاتها شحنات دلالیّة بامکانها أن تساهم فی توجیه النصّ ودینامیکیّته.
هدفنا فی هذا البحث هو الحصول على رمزیّة مفردة النار ودلالاتها عند أدونیس، وکذلک استیعاب رؤیة الشاعر الفنیّة فی توظیف هذه المفردة سلباً وإیجاباً، وقد اعتمدنا علی المنهج الوصفی – التحلیلی. تشیر النتائج علی أنّ دلالات النار عند أدونیس تُقسّم إلى دلالتین أساسیتین: أولاً الدلالات الإیجابیّة وهی تدلّ علی الخصب والانبعاث، فالنار فی أکثر الدیانات والثقافات ترمز إلی الطهارة والإشراق والعنایة بالتعالی والتقدّم. ثانیّاً الدلالات السلبیّة وهی تشی بالعدمیّة، والهدم، والسقوط، وهذه الدلالات تعود إلی أسباب عدیدة کالظروف السیاسیّة والحرب والتشرّد والغربة وموت أبی الشاعر محترقاً.