المتشائل

یُعتبر إمیل حبیبی من الروائیین الفلسطینیین الّذی عاش فى الأراضی المحتلة وکافح بقلمه ضدّ المحتلّین، وتُعتبر روایة ""الوقائع الغریبة فی اختفاء سعید أبی النحس المتشائل"" أشهر أعماله وهی روایة تتکوّن من عدة رسائل أرسلها السارد إلى الکاتب فی لغة سخریة أحیاناً وجادة أحیاناً أخرى مستخدماً الأسالیب البلاغیة المختلفة إلّا أن المغزى الرئیس هو محاولة لتصویر الصراع الدائر فى الأراضى المحتلة بین الإسرائیلیین والفلسطینیین. والروایة تهتمّ بالشخصیات الإسرائیلیة بوصفها أحد جانبی الصراع والعنصر الذی یحتلّ موطن الفلسطینی (الأنا) ویمارس العنف والقهر ضده وبما أنّه عنصر هام ّفی هذه الروایة بشکل خاصّ وفى الصراع الدائر فى الأراضی المحتلة بشکل عامّ تمّ اختیاره لدراسة صورته فی هذا المقال. فیحاول هذا المقال دراسة صورة الآخر الإسرائیلی الیهودی فی روایة المتشائل بوصفها روایة من روایات الأدب الفلسطینی المقاوم وینتهج المنهج الوصفی – التحلیلی فی تحلیل النصّ الروائی للوصول إلی خصائص الصورة المرسومة للآخر الإسرائیلی فی هذه الروایة. وتشیر النتائج إلی أنّ الکاتب رسم صورة سلبیّة للآخر معتمداً علی اللغة الرمزیة أحیاناً والسخریة أحیاناً أخری وبواسطة عدة عناصر مثل اللغة، والجسد، والمکان.

السخریه من الإبداعات الأدبیه التی استخدمت فی العصور السالفه حتّی الآن. قد یظنها المتلقّی الاستهزاء بقصد الحطّ من شأن الآخر، وهذا صحیح إلی حدٍ ما والأصحّ منه هو أنّها لاتستخدم لتلبیه الأهواء النفسیه کالدعابه والضحک فحسب بل تبیّن للمتلقی الوضع الاجتماعی والسیاسی والثقافی الذی عاشه المؤلف وعانی منها المجتمع ولاستخدام السخریّه أسباب کثیره من أهمّها تکمیم الأفواه حیث لایستطیع الأدیب أن ینتقد مایراه من ظلم وخطإ أو سیاسه فاشله بالعلن، فعندئذ یتّخذ السخریه منصه للتعبیر عمایرید. المتشائل من الروایات التی استخدمت فیها السخریه ولکن لیس هذا خوفاً من سیاسات الکیان الصهیونی وکأنّما لم یرَ الروائی طریقه أفضل منها حیث إنها لم تؤلّف علی النمط السخری فحسب بل هو نمطٌ سخریٌ لاذعٌ ومأساویٌ یحمل رساله توضّح للقارئ ظروف فلسطین وشعبها. یسلّط المقال الضوء علی الروایه وکیفیه استخدام السخریه فیها وفقاً للمنهج الوصفی-التحلیلی وبما أن إمیل صوّر لمحات عدیده من ظروف الشعب الفلسطینی، یرسی هذا الموضوع علاقه وثیقه مع الأدب المقاوم وتتجلّی ضروره البحث فی أهمیه القضیه الفلسطینیه وعدم التغافل عنها دینیاً وإنسانیاً وأنها روایه أحدثت ضجّه فی العالم والکیان الصهیونی فمن البدهی أنها احتوت أفکاراً جدیده تستحق الدراسه. یهدف هذا البحث إلی تبیین کیفیه استخدام السّخریه وأغراضه عند حبیبی ودورها فی نجاح عمله وبما أنّ الأدیب الفلسطینی یستخدم کافه الأنماط للتعبیر عن مأساته وآلامه یکشف هذا البحث عن براعه استخدام الرّوائی حبیبی السخریه کنمط یعبّر به عن أفکاره وآرائه. ومن المواضیع الهامّه التی تطرّق إلیها المقال من خلال الروایه، أزمه الهویه الفلسطینیه وموقف العرب من قضیّه فلسطین وسیاسات التثقیف وتحکی أن الکاتب استخدم السخریه لوصف الوضع السائد فی فلسطین والحطّ من الکیان الصهیونی.