إروین یالوم

شهدت السنوات الأخیره بروزاً ملحوظاً للاهتمام بالمنظور الوجودیّ فی علم النفس، حیث أصبح أحد أبرز التیارات التی حظیت باهتمام کبیر لیس فقط فی المجال النفسی، بل فی الدراسات المتعدده التخصصات، وخاصه فی مجال الأدب. وقد أولى هذا المنظور اهتماماً عمیقاً للمفاهیم الأساسیه للحیاه الإنسانیه وأکد على ضروره البحث عن المعنى والمواجهه الواعیه للتحدیات الوجودیّه. وتشکل مسائل مثل الموت والحریه والمسؤولیه واللاجدوى والمعنى محاور أساسیه فی علم النفس الوجودیّ، حیث یرى أن طریقه مواجهه الإنسان لهذه الأزمات تحدد نوعیه حیاته النفسیه. وفی هذا المنظور، لا تُعتبر الشخصیات الروائیه مجرد انعکاس للأحداث الخارجیه، بل تمثل تجسیداً للهموم الوجودیّه والسعی لإضفاء معنى على الحیاه فی عالم ملیء بالتحدیات الأساسیه. تهدف هذه الدراسه، باستخدام المنهج الوصفی - التحلیلی، إلى تحلیل شخصیه مالک، فی روایه «أرنی أنظر إلیک» لخوله حمدی اعتماداً على المفاهیم الأساسیه لعلم النفس الوجودیّ لإرفین یالوم. وتشیر نتائج الدراسه إلى أن مالک، بعد بحث طویل، توصل إلى أن معنى الحیاه لیس شیئاً ثابتاً أو محدداً سلفاً، وأن اللاجدوى جزء لا یتجزأ منها. وقد أدى قبوله لهذه الحقیقه إلى نوع من الإیمان الشخصی المباشر بالله یتجاوز المعتقدات التقلیدیه. شعور مالک بالانفصال الجوهری عن الآخرین، وحتى عن نفسه، یتجلى کاغتراب عن المجتمع والدین والعلاقات الإنسانیه، مما یعزز من عزلته النفسیه والروحیه. ومع قبول آلام وتناقضات الحیاه، یسعى مالک إلى خلق معنى شخصی لنفسه بدلاً من الهروب منها. ومن منظور الوجودیّه، فإن هذا البحث یدل على صحته النفسیه؛ لأنه بدلاً من إنکار الأسئله الوجودیّه أو الهروب منها، یسعى بنشاط للعثور على إجابات لها.