أدب الرحله

ألّف أبوحامد الغرناطی رحلتین علی صعید أدب الرحله العربی؛ الأولی منهما " تحفه الألباب ونخبه الإعجاب " والثانیه " المعرب عن بعض عجائب المغرب ". السِمه الممیِّزه فیهما کلتیهما هی العجائبیهُ، أی یسعی الرحاله أن یأتی بالحوادث العجیبه ویرکّز علی المشاهد التی تثیرُ فینا الاستغراب. وانطلاقاً من هذا نجده یسمّی رحلتیه مستخدماً کلمه "العجائب" فی صیاغه العنوان. هذا المنحی لدی الغرناطی یجعل المتلقی یقف أمامها ویعتبرها قصصاً خرافیه لیست لها أرضیه واقعیه. الغرناطی المعجَب بذکر المشاهدات المدهشه طیله سفره قد فطن لهذا الأمر واستخدم آلیات عدیده لیطمئن القارئ ویصطنع عالماً حقیقیاً إلی جانب تطرّقه إلی القصص العجیبه. دراستنا هذه تهدف إلی معالجه آلیات التوثیق وأدواتها وغایاتها فی رحله تحفه الألباب عبر المنهج الوصفیّ - التحلیلیّ. وتشیر النتیجه إلی أنّ هذه الآلیات مع ما لها من أدوات قد تجلّت فی رحلته بطرق مختلفه، منها: النقل مشاهدهً وسماعاً من الثقات، والتدقیق فی ضبط مصادر المنقولات ورُواتها، والمنطقیه فی الحکی والسرد. والجدیر بالذکر أنّ هناک أخباراً فی الکتاب لم یعرضها المصنّف بأسلوبٍ مُوحٍ بالثقه فیبدو أنّها تفتقر إلی أدوات الثقه. وقد یعود السبب إلی أن الرحاله ینوی أن یعوّد القارئ بالتدریج من خلال ما یقدِّمه من مستندات علی أسلوبه الموثّق. إلّا أنّ هذه الأمور قلیله والأسلوب الممیّز فی منهج الغرناطی السردی هو تطبیق الطریقه التوثیقیه.  

یعد مشهود محمد جمبا واحداً من الأدباء المعاصرین الملمین بتطویر الأدب العربی فی نیجیریا. سافر إلى دول مختلفه لأغراض علمیه وثقافیه، وأسهم فی نقل الصور الجمیله والمشاهد المتمیّزه لکثیر من البلدان وطبیعتها الجغرافیه وظروفها المعیشه، وسلّط الضوء على تاریخ البلدان وأفکار سکانها وعاداتهم وتقالیدهم. یهدف هذا البحث إلى الکشف عن تقنیات السرد فی رحلاته لتقویم مدى توفر مکونات الخطاب السردی فیها وتحقیق نجاح أسلوبه فی سرد الخطاب الرحلی. ولتحقیق هدف الدراسه، استخدم الباحث المنهج البنیوی مع الاستعانه بالمنهج الوصفی. وفی آخر المطاف، توصلت الدراسه إلى عده النتائج، وأهمها: إن الرحلات المدروسه تتضمن کثیراً من التقنیات السردیه، وأن الباحث أجاد فی أسلوب سرد المکونات الأساسیه فی الرحلات. استخدم الأماکن المفتوحه والأماکن المغلقه لمجرى الأحداث، وحین یسرد زمن الأحداث دفعته الحاجه إلى استعمال الاسترجاع والاستباق. أما من حیث المده الزمنیه یمیل الرحاله إلى الخلاصه والحذف لتسریع الأحداث والتجنب عن الأحداث الثانویه التی لا تسهم فی السیاق السردی، ثم استعمل الوقفه الوصفیه والمشهد الحواری لتعطیل الأحداث ومنح الشخصیات فرصه تقدیم مشاعرهم وعواطفهم دون التدخل من قبل الراوی وخلق التساوی بین زمن الحکایه وزمن السرد. استعمل المؤلف الشخصیات الأساسیه والشخصیات الثانویه، وحوّل الراوی المؤلف إلى الراوی الثانوی فی بعض السیاق.