المعتزله

کانت قضیه المعتزله وتوسعها فی العراق من القضایا المهمه جداً فی الدراسات الخاصه بهذا المجال. لذا، یتطرق هذا البحث إلى سبب انتشار أحد التیارات الرئیسه فی التاریخ الإسلامی وهو تیار المعتزله فی العراق بالاعتماد على نظریه الانتشار، وذلک بالترکیز على مدینتی البصره وبغداد. تبین هذه النظریه انتشار ظاهره محدده مقارنه بالأماکن الأخرى. تشیر نتائج البحث القائمه على نظریه الانتشار المنتظم إلى تأثیر البیئه الجغرافیه على ظهور مذهب المعتزله وانتشاره ضمن إطار الزمان والمکان، بالإضافه إلى تصنیف فتره انتشار المعتزله على أساس الشروخ الداخلیه والعلاقات بینهم وبین الخلفاء، ولیس على أساس الترتیب الزمنی، بینما تشیر نتائج البحث الأخرى إلى أن المناظرات وجهاز الخلافه ونهضه الترجمه والموالی کانت من أهم قنوات انتقال المعتزله وانتشارهم. 

لقد کان القرن الرابع - بعد وصول البویهیین إلى سده الحکم - مسرحاً لتطورات فکریه وحضاریه واسعه، وخاصه بغداد التی کانت محلاً للعدید من الجماعات والفرق، حتى صارت مدینه لاتباع الأدیان والمذاهب الإسلامیه المختلفه، وفی هذا السیاق کانت العلاقات بین المعتزله والامامیه وعلاقاتهم الوثیقه بالبویهیین سبباً فی حصول تطورات هامه وحتی نتمکن من معرفه التأثیر المتبادل بین الإمامیه و المعتزله سنحاول فی هذا البحث دراسه التأثیر الفکری المتبادل بینهما. وعلى الرغم من أن أکثر الأبحاث الفکریه تحمل صبغه کلامیه إلا أن هذا البحث یقوم بدراستها من وجهه نظر تاریخیه، کما یقوم بدراسه کل مسأله على حده مع بیان تأثّر کل فرقه بالأخری مع ذکر الأمثله. من جدیر بالذکر أن التأثیر المتبادل المبحوث عنه هنا أعم من العلاقات الودیه والنزاعات، وبما أن علاقاتهم فی الأساس کانت مبنیه على التخاصم والن زاع ثم تحولت بصوره تدریجیه إلى علاقات ودیه وتوافقیه، لذا تمت إضافه أمثله تشیر إلی الخصام والن زاع القائم فیما بینهم آنذاک.